تعد مدن “دير الزور – الميادين – البوكمال” والعديد من القرى والبلدات الواقعة بريف محافظة دير الزور، من أهم المعاقل ومواقع الميليشيات التابعة لإيران وحزب الله اللبناني.
واتخذت تلك الميليشيات عدداً من أحياء تلك المدن كمراكز رئيسية لها، وكمقرات لعناصرها بعد أن استولت على منازل الأهالي الذين نزحوا عنها هرباً من الانتهاكات والعمليات العسكرية.
وتشكل تلك المدن والبلدات الواقعة غربي نهر الفرات، أهمية استراتيجية بالنسبة للميليشيات الإيرانية لتأمين طريق الإمداد العسكري لمقاتليها، واستمرار سياسة التغلغل وغرز مخالبها في تلك المناطق.
الاستيلاء على “الفيلات” وتحويلها لمقرات عسكرية:
وتركز الميليشيات الإيرانية على المنازل الكبيرة والمميزة أو ما يطلق عليها الأهالي اسم (الفيلات) داخل الأحياء التي تسيطر عليها.
وفي هذا الصدد قال أحد سكان محافظة دير الزور ويدعى “أبو سليمان”: إن “كافة الميليشيات الإيرانية بما فيها الحرس الثوري الإيراني، والمجموعات التي هي تحت مظلته بما فيها فيلق القدس الإيراني، والحشد الشعبي، وحزب الله العراقي، وحزب الله اللبناني، وفاطميون، والنجباء، تتمركز في حي الفيلات بلدية داخل مدينة دير الزور، وهذا الحي يقع بجانب مقر أمن الدولة من الناحية الجنوبية للمدينة”.
وتابع خلال حديثه مع SY24، قائلاً: إن “هذه المقرات عبارة عن فلل أشبه بالقصور كانت فارغة وهي تعود لمدنيين نزحوا منذ عام 2012 من مدينة دير الزور، وتمتاز بأنها بعيدة نوعاً ما ومعزولة عن مناطق الاكتظاظ السكاني والأحياء الشعبية مثل حيي الجورة، والقصور داخل المدينة”.
وعلى الرغم من تمركز تلك الميليشيات داخل حي “الفيلات” في مدينة دير الزور، إلا أن أغلب عملها في منطقة “الحسينية” وصولًا إلى “الميادين، والبوكمال” غرب الفرات، كما يتواجد لها قطاعات عسكرية مشتركة مع قوات الأسد كالفرقة الرابعة والحرس الجمهوري في بادية الميادين ومنطقة صبيخان، إضافة لمنطقة البوكمال.
نقاط تمركز واستيطان في البوكمال والميادين:
أمّا في مدينة “البوكمال” فتتمركز الميليشيات الإيرانية في أحياء “الجمعيات، والكتف”، بعد أن استولوا على أفخم البيوت وأوسعها، ومن ثم قاموا بتحويلها لمقرات عسكرية لهم.
في حين، تتمركز الميليشيات ذاتها في مدينة “الميادين” بأكملها وغالبية الميليشيات المتواجدة هي من الحرس الثوري الإيراني كونها الميليشيا الأم، إضافة لتمركز ميليشيا النجباء وفاطميون وكتائب أفغانية تقاتل معهم.
ومؤخراً بدأ يتم رصد عمليات استيطان لعوائل المقاتلين الأفغان في مدينة الميادين، إضافة لمدينة البوكمال وريفها في مناطق “حسرات، وصبيخان” وغيرها من القرى والبلدات المحيطة.
مقرات عسكرية ومرابض لمدفعية الميليشيات الإيرانية:
وذكرت مصادر مطلعة أن هناك عدد من الأحياء والنقاط الأخرى التي تتمركز فيها ميليشيات إيرانية على الضفة الغربية لنهر الفرات.
الصحفي “صهيب جابر” والمهتم بنقل أخبار المنطقة الشرقية قال لسوريا 24: إن “هناك عدد من الأحياء تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية وتبسط نفوذها بداخلها، ففي داخل مدينة دير الزور تتمركز تلك الميليشيات في حيي الموظفين، والعمال، ولها تواجد في الأفرع الأمنية هناك”.
أما في مدينة “البوكمال” فتتمركز في محيط دوار الفيحاء، إضافة لحيي “الجمعيات، والكتف” التي تم ذكرها أعلاه، في حين يلاحظ تواجدهم في منطقة “السنتر” أو مكتب البريد بالقرب من شارع الكورنيش وعلى امتداد هذا الشارع في مدينة “الميادين”، إضافة لمنطقة السويعية في ريفها.
كما يوجد قواعد لهم مثل قاعدة “حقل الورد ” في محيط البوكمال، وقاعدة “تي تو” في بادية البوكمال، ولهم قواعد في المطار العسكري بين مدينة دير الزور وريفها الشرقي.
وأشار “جابر” إلى وجود “المركز الثقافي الإيراني” داخل حي “القصور” في مدينة دير الزور، إضافة لوجود عدد من النقاط الإيرانية في محيط المركز وبالقرب من جامع الفتح.
وتتمركز الميليشيات الإيرانية أيضا في قرية “عياش” غربي دير الزور، وفي بلدة “الجلاء” غربي البوكمال والتي تتخذ الميليشيات الإيرانية من “الفيلات” الموجودة في عدد من أحياء تلك البلدة مقرات عسكرية لها ومرابض لمدفعيتها ومستودعات ذخيرة تابعة لها.
أهمية المواقع التي تنتشر فيها ميليشيات إيران:
وعن أهمية تلك المدن والبلدات للميليشيات الإيرانية، أكد “جابر” أنه لو ربطنا بين تلك المناطق بدءًا من البوكمال وانتهاءً بريف دير الزور الغربي ومرورًا بمدينة دير الزور، فإنها تشكل طريق إمداد هام لتلك الميليشيات.
وأضاف، أنه بعد دخول الميليشيات من معبر “القائم” على الحدود السورية العراقية فإنهم يتجهون صوب منطقتي “الهري، والسويعية” وبعدها إلى مدينة البوكمال ومن ثم إلى بلدة “الجلاء”، وكل تلك النقاط متصلة ببعضها البعض، إضافة لقواعد “حقل الورد، وتي تو” وأيضًا مطار دير الزور العسكري الذي تنطلق منه تلك الميليشيات بشكل يومي باتجاه قرى “موحسن، والبوعمر، والمريعية، وبقرص” ومن ثم تعود للمطار ثانية.
كما تنطلق تلك الميليشيات يومياً من مدينة دير الزور باتجاه قرى “عياش، والبغيلية” غربي دير الزور، إضافة للواء 137 وباقي الأفرع الأمنية الأخرى في المنطقة.
ومؤخرًا، اتجه نشاط الميليشيات الإيرانية في المناطق التي تتواجد فيها إلى النشاط الاجتماعي أكثر من النشاط العسكري، إضافة لعمليات التطويع التي تدعو لها مقابل مبالغ مالية وامتيازات تمنحها للمنتسبين والمتطوعين لصفوفها، كما يتم منح المتطوعين سلطة التذمر والاستعلاء على المدنيين البسطاء غربي الفرات، الذين يعانون من شدة الفقر، الأمر الذي استغلته تلك الميليشيات في بسط نفوذها وفرضت سيطرتها بالقوة، ما دفع بكثيرين للقبول بالانتساب والتطوع في صفوفها لتأمين أنفسهم بالرواتب المادية والامتيازات الأخرى.