بعد هدم منازل لاجئين سوريين في عرسال، تزيد السلطات اللبنانية من ضغوطها على اللاجئين السوريين إذ دعت أرباب العمل إلى طردهم واستبدالهم بعاملين لبنانيين. وهذا ما يثير سخط بعض أرباب العمل. فما هو السبب؟
يونس يونس غاضب، ويبدو أن هناك ما يقض مضجعه. فاللبناني صاحب محل شاورما في بيروت وعليه الآن دفع غرامة مالية تعادل 3300 يورو (نحو 3650 دولار) لأنه يوظف لاجئين سوريين. لكنه يقول إنه لا يملك خياراً آخر، ويضيف لفرانس برس: “اللبنانيون يطالبون بأجور مرتفعة، بخلاف الأجانب، وخصوصاً السوريين. نحن نبحث عن لبنانيين، لكننا لا نجدهم”.
ويتابع يونس شكواه: “لا يمكنني استبدال السوريين الذين كانوا يحضرون الشاورما معي منذ سنوات في غضون أيام قليلة”.
ويشكو لبنانيون آخرون من نفس المشكلة، فبعد مطالبة وزير الخارجية اللبناني في تغريدة على تويتر “بتشديد الرقابة”، أجاب عليه وليد زيتوني: “نحن بانتظار لبنانيين يعملون في الباطون أو الزراعة، لكننا لا نجد. نحن ضد التوطين”، وأضاف: “خلصونا من هالاسطوانة”.
وعلى الرغم من الشكاوى المماثلة، يُجبر العديد من أرباب العمل في لبنان على إقالة العمال السوريين الذين يعملون معهم، لأن الحكومة اللبنانية أطلقت مؤخراً حملة ضد “العمالة غير القانونية للأجانب”. وتدعو الحكومة أرباب العمل من خلال ملصقات دعائية إلى توظيف اللبنانيين فقط. كما تقوم السلطات منذ أسابيع بحملات تفتيش على المتاجر والشركات من أجل ضبط الأجانب الذين يعملون بشكل “غير قانوني”.
ويعمل عدد كبير من الأجانب في الدولة التي يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة. فلبينيون وإريتريون في التدبير المنزلي، ومصريون يعملون في محطات الوقود، وسوريون يكدحون في الحقول. ورغم أن الحملة ضد العمالة “غير القانونية” تؤثر على الأجانب من جميع الجنسيات، إلا أن خبراء يرون أنها محاولة للضغط على اللاجئين السوريين من أجل العودة إلى ديارهم.
ويعيش في لبنان أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري، منهم مليون لاجئ مسجل لدى الأمم المتحدة. ويرى الباحث ناصر ياسين من معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في بيروت إن اللاجئين السوريين يشكلون عبئاً هائلاً على النظامين التعليمي والصحي في البلاد، لكنه يشير إلى أنهم يساهمون في دفع عجلة الاقتصاد أيضاً. ومع ذلك يعتقد في حديث لفرانس برس أن “هناك الآن استراتيجية حقيقية لزيادة الضغط على السوريين”.
ومنذ توقف الأعمال القتالية في سوريا، زادت المطالبات بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، على مستوى الخطاب السياس اللبناني. ففي حزيران/ يونيو الماضي أمهلت الحكومة الشركات شهراً واحداً لـ”تنظيم وضع العمال الأجانب”. ونتيجة لذلك فقد لاجئون سوريون أعمالهم، مثل اللاجئة السورية ليلى وأربعة من زميلاتها اللواتي كن يعملن معها في صالون لتصفيف الشعر في بيروت. تقول ليلى العشرينية لفرانس برس: “تم إبلاغنا (بقرار الفصل) فقط.
وفي بلدة عرسال شمال لبنان، كانت البلدية قد أمرت اللاجئين السوريين بهدم جميع المساكن المبنية من الأسمنت. وبعد انتهاء المهلة في أوائل تموز/ يوليو الماضي، هدمت السلطات منازل السوريين بالجرافات. واضطر لاجئون لهدم منازلهم والاستعاضة عنها بخيام، كما تريد السلطات، والتي لا تسمح أن تصبح المخيمات مقرات سكن دائمة للاجئين.
وتشير منظمة هيومن رايتس ووتس إلى أن هدم منازل السوريين في لبنان “حملة ضغط على اللاجئين للعودة إلى سوريا.
وترى منظمة “العمل ضد الجوع” العالمية إن هدم منازل السوريين “واحدة من العديد من المضايقات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في لبنان”، محذرة من أن ذلك سيؤدي إلى تدهور ظروفهم المعيشية أكثر.
لكن وبالنسبة للعديد من اللبنانيين، فإن التدابير تجاه اللاجئين السوريين تحظى بالتأييد. يقول اللبناني نهاد لفرانس برس: “يتلقى السوريون مساعدة شهرية وتعليماً مجانياً وعلاجاً طبياً، بينما نحن اللبنانيون ليست لدينا إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية”، ويضيف: “نتمنى أن نكون لاجئين في لبنان!”.
وتدافع رئيسة دائرة مراقبة العمال الأجانب في وزارة العمل مارلين عطاالله عن الإجراءات المتخذة بحق السوريين، وتضيف: “هناك الآلاف من اللبنانيين يبحثون عن فرص عمل، ونحن لبّينا نداءهم”.
وبالرغم من الضغوط الحكومة على اللاجئين السوريين، يرى الباحث ناصر ياسين أن العديد من السوريين لن يغادروا لبنان، ويضيف: “من الواضح أنهم سيبقون هنا ويزدادون فقراً، بينما يفرّون من قوات الأمن”.