ذكرت مصادر محلية تهتم بتوثيق الأحداث داخل ريف دمشق، أن مدينة “دوما” في الغوطة الشرقية تخضع لسيطرة وتسلط “فرع أمن الدولة” التابع لنظام الأسد بشكل كامل.
وأفادت “تنسيقية مدينة دوما” عبر معرفاتها الرسمية، أن الخروج من المدينة ليس بتلك السهولة، إذ يسمح فقط بالخروج لمن يحملون تصريح مغادرة، وأي شخص ليس مطلوب للخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية، ومن ليس لديه مراجعة أمنية أو قضية أخرى يسمح له بالخروج.
ووصفت التنسيقية الوضع في المدينة أنه أشبه بـ “المعتقل”، إذ بإمكان قوات أمن النظام اعتقال أي شخص يريدونه بجة قضايا تتعلق بأنشطتهم السابقة، أو بحجة التواصل مع أقارب لهم في الشمال السوري عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة “الواتس آب”.
وليس ذلك فحسب، بل يعاني غالبية السكان من قلق وتوتر بشكل مستمر، إذ إن الشخص معرض بأي لحظة للمضايقات من الحواجز العسكرية في المدينة، ومعرض للمساءلة والتفتيش والتدقيق خاصة على الهواتف المحمولة.
وكان عدد من أهالي الغوطة الشرقية المهجرين قسرًا للشمال السوري، تحدثوا لـ SY24، عن أنهم يتعاملون بحذر شديد في التواصل مع من بقي من أقارب لهم في دوما أو غيرها من المدن والبلدات الأخرى، خوفًا من تعرض أقاربهم للاعتقال بسبب ذلك، مضيفين أن من يتم اعتقاله لا يعرف مكانه.
وتفرض حواجز نظام الأسد المحيطة بالمدينة، “إتاوات مالية” على كل سيارة تدخل أو تخرج أو حتى على المدنيين أنفسهم، إذ يصل مبلغ الإتاوة إلى 200 ليرة سورية على الشخص الواحد، وفق ما ذكرت التنسيقية.
أمّا فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي داخل المدينة، فبينت المصادر ذاتها، أن الوضع الاقتصادي متدهور جدًا وسط انتشار البطالة وقلة فرص العمل، ويضطر الأهالي للاعتماد على ما يصل إليهم من حوالات ومساعدات من أقارب لهم في الخارج، وهذا الأمر لا يقل صعوبة عن باقي الأمور التي يتخوف منها الأهالي.
وفي ظل الدمار الذي خلفه قصف النظام وروسيا، خلال الحملة العسكرية الأخيرة على دوما، فإنها خلفت الكثير من الأنقاض والركام، إذ يضطر الأهالي لترحيلها على نفقتهم الخاصة الأمر الذي يكلفهم مبالغ طائلة، وسط غياب أي دور للجهات الخدمية والمحلية التابعة لحكومة نظام الأسد، ما يكذّب رواية النظام الذي يدعيّ أن الأمور الخدمية تسير على أكمل وجه في تلك المناطق.
“فراس السفال” الكاتب والمحلل السياسي، أشار إلى أن “دوما” تمر اليوم بحال أسوأ بكثير من أيام الحصار قبل خروج الفصائل العسكرية المعارضة منها، وهذا الحصار الاقتصادي الحالي لا ينفك عن السياسة المتبّعة في قهر واستعباد وإخضاع هذا الشعب.
وأضاف في حديثه لـ SY24، أنه لا يستبعد أن يكون النظام يسلب خير أهالي دوما، نتيجة لما يقاسيه من أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة، واصفًا ما يحصل في دوما بأنه “انتقام إجرامي” من نظام الأسد بحق سكان المدينة.
ويرى “السقال”، أن تشبيح قوات أمن النظام على الحواجز لم يتغير، فهي تندرج ضمن سياسة النظام القمعية والتعجيزية، التي يسعى من خلالها للتشديد على الناس رغبةً منه في استعبادهم، وخاصة بحق “دوما” التي أذاقته الويلات منذ اندلاع الثورة وحتى خروج الفصائل صوب الشمال السوري.
ولم يكتف نظام الأسد بالانتقام من أهالي دوما بحصارهم اقتصاديا وأمنيًا، بل تعداه ذلك إلى زجّ الشباب الذين يتم سوقهم للخدمة الإلزامية في صفوفهم، على جبهات القتال في إدلب وماحولها راميًا بهم في أودية الموت، بعد أن أصبح جيشه في حالة استنزاف جراء الخسائر الفادحة التي يتكبدها على أيدي فصائل المعارضة في المناطق المحررة.
وسيطرت قوات نظام الأسد مدعومة من روسيا على كامل الغوطة الشرقية، في نيسان/أبريل 2018، عقب حملة عسكرية ممنهجة لم ترحم لا البشر والحجر، إلى أن تم التوصل لاتفاق تسوية بين نظام الأسد وروسيا من جهة وبين الفصائل العاملة في المنطقة وأكبرها فصيل “جيش الإسلام” من جهة أخرى، والذي أفضى إلى تهجير المدنيين وخروج الفصائل باتجاه الشمال السوري.