تواصل فرق الدفاع المدني في الغوطة الشرقية عملها في إنقاذ الجرحى ورفع الأنقاض وانتشال الضحايا، متحدّين كل عمليات القصف العنيف التي تطال الغوطة منذ عشرة أيام، ورغم أن القصف استهدف مراكز الدفاع المدني ومعداتهم بما في ذلك العناصر، إلا أنهم واصلوا تحدي الموت وأكملوا واجبهم ضمن الإمكانيات المتاحة.
يقدر عدد متطوعي الدفاع المدني في الغوطة بـ 350، بين إداريين ومدراء قطاعات ومتطوعين، حيث يتحدون الظروف الصعبة، وقد تعرضت نصف آلياتهم للاستهداف، واستعاضوا عنها بما يتوفر من آليات قديمة، إضافةً لى صيانة بعض الآليات المستهدفة.
صعوبات تواجه الدفاع المدني
قال رئيس الدفاع المدني في سوريا رائد الصالح لـ SY24: “الدفاع المدني يواجه العديد من الصعوبات خلال عمله في الغوطة الشرقية، وخاصةً في ظل القصف المزدوج الذي يطال المنطقة ذاتها أكثر من مرة، حيث باتت استراتيجية النظام وروسيا تقوم على استهداف نقطة سكنية بالبراميل المتفجرة، ثم يستهدف الطيران الحربي المنطقة ذاتها بالصواريخ، وبعدها يتم قصفها أيضاً براجمات الصواريخ، ما يؤدي إلى إحداث أضرار كبيرة في الأرواح والأبنية”.
وأضاف الصالح: “يعاني الدفاع المدني من عدم وجود أي أماكن آمنة لنقل الجرحى وعلاجها، إضافةً إلى تعرض ستة مراكز للدفاع المدني في الغوطة للقصف المباشر من قبل الطيران الحربي، ما أدى لتدمير بعض الآليات وإصابة عشرة عناصر، فضلاً عن وفاة عنصر من الدفاع المدني في بداية حملة القصف على الغوطة”.
وأشار الصالح إلى أن “هناك صعوبات أيضاً في التواصل مع مراكز الدفاع المدني وإعلامها بوجود قصف في منطقة ما، نتيجة انقطاع الكهرباء والإنترنت عن معظم المراكز، ورغم ذلك سعت فرق الدفاع إلى تحدي كل تلك الصعوبات وإكمال عملها دون أي تباطؤ”.
القصف لا يتوقف ويطال مراكز الدفاع المدني
الدفاع المدني أعلن مؤخراً عن حصيلة الضحايا منذ بدء حملة القصف العنيف في التاسع عشر من شباط الحالي وحتى السادس والعشرين من الشهر ذاته، حيث قضى ٤٩٢ شخصاً، بينهم ٩٠ طفلاً و٣٣٧ رجلاً و٦٥ امرأة، في حين بلغ عدد المصابين ١٨٩٨ بينهم ٥٧٠ طفلاً و٨٨١ رجلاً و٤٤٧ امرأة.
بدوره قال الناطق باسم الدفاع المدني في ريف دمشق “سراج محمود” لـ SY24 إن: “الحصيلة قد تكون أعلى بكثير في ظل القصف المتواصل وبقاء الكثير من الضحايا تحت الأنقاض ووفاة بعض الجرحى لاحقاً”، مشيراً إلى أن “القصف يطال الدفاع المدني أيضاً، وبالتالي لا نعلم إذا كنا نستطيع التواصل معكم لاحقاً، وربما يطالنا القصف في أي لحظة ونفارق الحياة”.
وأضاف سراج أن: “القصف في الغوطة لا يهدأ أبداً رغم إعلان الهدنة، فجميع المطارات مسخرة لقصف المدنيين، ويُستخدم في القصف كل أنواع الأسلحة التي تستهدف المدنيين فقط بشكل ممنهج، بينما ليس هناك أي قصف على الجبهات، ورغم ذلك نحن مستمرون في عملنا”.
لحظات إنسانية مؤثرة
يواجه عناصر الدفاع المدني في الغوطة لحظات صعبة خلال عملهم، حيث قال المتطوع في الدفاع المدني “أبو بشير دغمش” في حديثه لـ SY24: “من اللحظات القاسية التي نواجهها خلال عملنا، هي حين يتم إعلامنا أن المنطقة التي تم استهدافها تتواجد فيها عائلاتنا، بينما نحن مشغولون بعمليات إسعاف في مكان آخر من الغوطة، عندها لا يمكن أن نصف الحالة الصعبة التي نشعر بها من قلق وخوف على مصير عائلاتنا”.
وأشار أبو بشير إلى أن “عمل الدفاع المدني لا يرتبط بعدد ساعات محددة وإنما هو رهن الوضع الإنساني في الغوطة، حيث أن الدوام الرسمي لعناصر الدفاع المدني في الأحوال الطبيعية هو 24 ساعة مقابل استراحة 48 ساعة، وفي ظل تدهور الوضع الكارثي في الغوطة هذه الأيام، فإنه تمرّ علينا أياماً لا نعرف فيها النوم”.
وتابع أبو بشير: “من اللحظات القاسية التي نعيشها أيضاً حين نحاول إنقاذ الجرحى من تحت الأنقاض بالتزامن مع تواصل القصف، عندها يتم إعلامنا بضرورة الاحتماء لتجنب أضرار القصف، فنسارع إلى التوجه نحو مكان آمن، وفي نفس الوقت نخشى أن يفقد هؤلاء حياتهم تحت الأنقاض”.
وتداول ناشطون في الثامن من الشهر الحالي مقطع فيديو لعنصر من الدفاع المدني، وهو يذرف الدموع بعدما تفاجأ خلال عمله عقب القصف أن والدته قد توفيت تحت الأنقاض ولم يستطع إنقاذها، وبدأ بلوم نفسه على عدم تمكنه من إسعافها، في مشهد تدمى له القلوب.