لا تزال مسرحية “مكافحة الفساد” التي تحركها وتخرجها مخابرات النظام بضوء أخضر من رئيس نظامها بشار الأسد، مستمرة في فصول وعناوين متعددة مع اختلاف في أبطالها الرئيسيين الذين تدور حولهم أحداث تلك المسرحية.
وبين الفينة والأخرى تخرج علينا وسائل إعلام موالية للنظام وصفحات تديرها أذرع أمنية، لتنقل لنا أخبار من وصلت إليهم “الحملة” والتي لا تستهدف إلا أسماء معروفة بعينها تعتبر من أرباب النظام والمخلصين له.
وبطل مسرحية “مكافحة الفساد” هذه المرة هو حوت الاقتصاد السوري “سامر الفوز” والذي بدأت تلك الماكينات الإعلامية والصفحات المؤيدة للأسد تتداول نبأ اعتقال عدد من الشخصيات التي تدير فندق “فور سيزن” في العاصمة دمشق، في إطار تلك الحملة، مشيرة إلى أن “الفوز” يملك الحصة الأكبر في الفندق، وقد تم اعتقال “ابن عمه” في إطار تلك الحملة.
بدورها سارعت إدارة الفندق وعقب تداول تلك الشائعات من أبواق محسوبة على النظام من أمثال عراب المصالحات المدعو “عمر رحمون”، إلى تكذيب هذه الأخبار على لسان ياسمينة أزهري، رئيسة مجلس إدارة الفندق، والتي ذكرت عبر حسابها الرسمي في “فيسبوك”، إنها تنفي تماماً هذه الإشاعات، واصفة أنها كاذبة ولا أساس لها من الصحة، على حد تعبيرها.
وتطرح تلك الشائعات التي طالت “سامر الفوز” وأمثاله العديد من التساؤلات والهدف الذي ترمي إليه مخابرات النظام من محاولة إدراج أسمائهم ومن حولهم على قائمة “مكافحة الفساد”.
ومما أثار الاستغراب أكثر هو سماح النظام وحكومته بنشر أغنية ساخرة وناقدة تمس أبرز حيتان الاقتصاد السوري وعلى رأسهم “رامي مخلوف ابن خالة بشار الأسد، وسامر الفوز رجل الأعمال الوافد حديثاً إلى إلى واجهة الأحداث الاقتصادية في سوريا”، والسماح بتداولها بين الموالين للأسد أنفسهم.
وحملت الأغنية اسم “بيلا تشاو السورية”، والتي يطلق فيها موالون نداءات لبشار الأسد لتخليصهم ممن وصفوهم “تجار الحرب”، في حين رأى فيها مراقبون أنها تأتي في إطار مسرحية مكافحة الفساد التي تروج لها مخابرات النظام.
الباحث الاقتصادي”فراس شعبو” رأى أن “ماحدث مع سامر الفوز هي رسالة للجميع أنه ليس هناك أحد بعيد عن سطوة النظام”.
وأضاف في حديثه لـ “SY24″، “أعتقد أن الروس هم من يتحكمون بالأمور، فهم يريدون أموال وتحصيل مادفعته بسوريا، إذ إن النظام أصبح مجبر على تحصيل الأموال وقد ضاقت به السبل في ظل اقتصاد منهار، فبدأ بأقرب المقربين، وأعتقد أن الأمر لن يطول وسينتهي بفترة معينة”.
وقال “شعبو”: “سمعنا كثيراً أن الفوز مرشح لأن ياخد موقع في فترة مستقبلية، ومن هنا فإن النظام يحاول أن يدمر أي اسم يلمع سواء كان مؤيد أو معارض، وأعتقد أن النظام سعى ويسعى من خلال هذه المضايقات أن يفهم الجميع أنني موجود وأنا من يتخذ القرار وأنا صاحب السلطة، وأعتقد أن هذه الاعتقالات مضمونها سياسي أكثر ما هو اقتصادي”.
وبالعودة لنقطة أن ما يجري هو مسرحية من صنع أجهزة النظام الأمنية، ما ذهب إليه مراقبون من أن كل قرارات الحجز التي صدرت هي احتياطية وليست نهائية وقد صدر في فترات سابقة قرارات مماثلة بحق رجال أعمال بارزين، إلا أنهم ظلوا مستمرين بل زادت قبضتهم الاقتصادية أكثر من أي وقت مضى.
وأضاف أن “تلك القرارات التي يتم تداولها بشكل ملحوظ من قبل إعلام نظام الأسد ومخابراته، الهدف منها إلهاء الشارع الذي ضاق ذرعا بالوضع الاقتصادي المتردي”.
وفي هذا الصدد تابع “شعبو”، إن “محاربة الفساد التي يتكلم عنها النظام لاتمت للحقيقة بصلة، وهكذا أنظمة شمولية قائمة على الفساد بحد ذاتها لا تستطيع محاربة الفساد لأنها في النهاية تحارب نفسها”.
وأردف أن “مايجري اليوم أصفه بأنه مشابه لما جرى في فندق الكارلتون السعودي، من خلال تجميع بعض رؤوس الأموال لاستنزافهم وتوجيه رسالة إلى رؤوس الأموال الموجودين في الداخل أنكم لستم بعيدين عن السطوة الأمنية وعن الملاحقة والحجز الاحتياطي”.
وتابع “كلنا نعلم كيف أن النظام بدأ منذ منتصف الثورة بإيهام المواطنين أنه بعد انتهاء الثورة ستعود الامور لمجاريها وسيعود الاقتصاد وتتحسن الأمور، لكن الشعب لم يشاهد أي انعكاس اقتصادي على الأرض، بل كانت الانتصارات العسكرية المعومة بمثابة كوارث على الاقتصاد، لذلك كان هناك حالة غليان واستياء في الشارع المؤيد للنظام، والنظام الأن يحاول أن يبيع الأوهام بأنه يقوم بمحاربة الفساد”.
وبالعودة لـ”سامر الفوز”، ذكر موقع “اقتصاد” أن ” الفوز كان رجل أعمال صغير، يتنقل بين تركيا ولبنان، قبل أن يستقر في سوريا في العام 2014، لكن فجأة بلغ مجموع استثماراته في سوريا أكثر من نصف مليار دولار وهو مبلغ يؤكد المقربون منه أنه لم يكن يمتلكه”.
وأضاف أن “الدور الأهم الذي لعبه سامر الفوز، هو تجارة النفط منذ نهاية العام الماضي، بعدما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تزيد من عقوباتها على إيران، وتمنع وصول النفط إلى نظام الأسد، إذ تبين لاحقا بأن الفوز هو من كان يتكفل بشراء ناقلات النفط وبيعها للنظام، ويجني منها أرباحا طائلة، إلا أن هذه الأرباح على ما يبدو، كانت تذهب إلى صاحب المال الحقيقي الذي هو بشار الأسد”، حسب ماذكر الموقع.
وقبل أيام قام المصرف المركزي بإيقاف جميع العمليات المالية المتعلقة بشركة “سيرتيل”، مستثنياً العمليات المالية التي تتعلق برواتب الموظفين، وفيما بعد قالت مصادر لصحيفة “المدن” اللبنانية إن الرئيسة التنفيذية في شركة “سيريتل” ماجدة صقر، “لم تحضر إلى مقر الشركة منذ أكثر من شهر”، وترافقت هذه الأنباء مع إشاعة انتشرت ضمن الشركة عن نقل حصة رامي مخلوف، فيها، لصالح “الأمانة السورية للتنمية” التي ترأسها زوجة الرئيس أسماء الأسد.