منحت حكومة نظام الأسد الحق لإحدى الشركات دون الإفصاح عن هوية هذه الشركة، الحق في تحويل العقار المشاد عليه مقهى الحجاز ومحطة الحجاز والمحلات القديمة في قلب العاصمة دمشق، إلى مجمع سياحي وفندق خمس نجوم.
ولفتت حكومة النظام أن المشروع سيكون من أهم المشاريع السياحية المطروحة في دمشق، مرجعة السبب لوقوعه في وسط دمشق وقربه من جميع الأسواق والمراكز الخدمية والمواقع السياحية في المدينة، دون أن تذكر أي شيء عن الشركة التي ستنفذ المشروع.
إذ يطل على مبنى محطة الحجاز وساحة المرجة وسوق الحميدية وقريب من شارع الصالحية، وإلى جانب البريد المركزي وعدد من البنوك، إضافة إلى مجاورته للتكية السليمانية وسوق المهن اليدوية والمتحف الوطني وقلعة دمشق والجامع الأموي ومقام السيدة رقية ودمشق القديمة.
وتباهت حكومة النظام أن مدة استثمار المشروع ستكون لـ 45 سنة، ومدة التنفيذ ستكون خلال 36 شهراً من تاريخ صدور الرخصة، معتبرة أن هذا المشروع مشاد على عقار تعود ملكيته لمؤسسة الخط الحديدي الحجازي.
وسيحمل المشروع، حسب ما ذكرت صحيفة “الوطن” الموالية، اسم “نيرفانا”، وسيكون عبارة عن فندق 5 نجوم ومجمع تجاري على مساحة 5 آلاف متر مربع وبارتفاع 12 طابق.
وحذر باحثون من خطورة ما يسعى إليه نظام بشار الأسد من خلال تلك المشاريع وبيعها لجهات خارجية بعقود طويلة الأمد، معتبرين أن نظام الأسد يحاول طمس معالم دمشق القديمة.
وفي هذا الصدد قال خبير دراسات بلاد الشام في مركز “أورسام” بالعاصمة التركية أنقرة الدكتور “سمير العبد الله”، إن “نظام الأسد يسعى من خلال هذه الأخبار عن المشاريع الاستثمارية الإيحاء للعالم أن الأمور بسوريا عادت لما كانت عليه، وأن كثير من المستثمرين بدأوا يأتون لسوريا و يستثمرون بها، مما يشجع الدول على العودة لسوريا للحصول على حصة بمشاريع إعادة إعمار سوريا”.
وأضاف “العبد الله” لـ “SY24 “، أن “هذا المشروع ليس الأول الذي يهدف لتغيير دمشق وملامحها القديمة، وسبقه مشروع التكية السليمانية، أما بالنسبة للمشروع الجديد وهو تحويل مقهى “الحجاز” القديم إلى مشروع استثماري”.
وتابع قائلا: إن “الأخبار نقلت أنه تم إعطاءه لمستثمر سوري مقيم بالسعودية، لكن على الأغلب تقف خلف هذه المشاريع إيران أو جهات مقربة من النظام، وخاصة أن إيران أبرمت اتفاقات مع النظام السوري كان أخرها اتفاق لإعادة بناء شبكة الكهرباء السورية”.
وحذر “العبدالله” من “خطورة هكذا مشاريع تكمن في أنه من الممكن أن تغير شكل مدينة دمشق القديم، وتمحي الطابع المميز للمدينة القديمة، والخطورة الأكبر إذا كان قد تم إعطاء هذه المشاريع لمستثمرين أجانب، وإيرانيين على وجه الخصوص لهم أهداف واضحة في السيطرة على الاقتصاد السوري”.
ولاقت هذه الخطوة ردود فعل غاضبة خاصة بين الدمشقيين الذين اضطروا لمغادرة مدينتهم مرغمين، إذ أعربت الناشطة الإغاثية “أسمى الشامي” والتي تقيم في إسطنبول التركية، عن استغرابها لدى سماعها نبأ نية نظام الأسد تغير معالم محطة الحجاز الأثرية.
وقالت “الشامي” لـ “SY24 “، إن “نظام الأسد بدأ بهذا المشروع قبل انطلاق الثورة، لكنه توقف لسنوات، وهو الآن يبدأ به من جديد”، مضيفة أنه “كما باع الساحل السوري للروس هاهو يبيع محطة الحجاز للإيرانيين”.
وادعت حكومة النظام أن تلك الخطوة تأتي في إطار “سعي مؤسسة الخط الحديدي الحجازي لاستثمار كل المطارح التي تحقق ريعية اقتصادية، وعدم إبقاء أي مطرح استثماري معطل، أو غير ذي جدوى فقد تم الإعلان عن هذا المشروع من خلال ملتقى الاستثمار السياحي الذي أقامته وزارة السياحة مؤخراً”.
من جهته قال الباحث الاقتصادي في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية “محمد منير الفقير”، إن “هذا المشروع يأتي في سياق عدة مشاريع نفذتها شركة دمشق القابضة، ويبدو أن الشركة نفسها ستكون في هذا المشروع”.
وأكد “الفقير” لـ “SY24 “، أن “هذا المشروع نتيجة لسياسات اتبعها محافظ دمشق السابق بشير الصبان بخصوص دمشق والكل يعلم علاقاته القوية مع إيران والمشاريع التي نفذها في دمشق القديمة لصالحها، وكل ذلك يدل على التوجه لتغيير وجه دمشق الحضاري وتغيير صبغتها الحضاري”.
وأشار “الفقير” إلى أن “ما يجري هو تجني فاضح على ثقافة دمشق وعلى هويتها الحضارية القديمة وهي سياسة يتبعها النظام، ومن الواضح أن إيران لها مصلحة فيها”.
ولفت “الفقير” الانتباه إلى أمر خطير وهو “محاولة تشويه الأوابد العثمانية في دمشق، أو أي شيء يشير للأتراك بدمشق يبدو أن هناك محاولة لطمسه وتشويهه”، مؤكداً أن فعل مثل هذا الأمر هو “طمس لتاريخ هذه الحقبة التي تواجد خلالها العثمانيون في دمشق”.
يذكر أنه في تموز/يوليو الماضي، ضج الشارع الدمشقي في وجه حكومة نظام الأسد، عقب تداول أنباء تفيد بنيتها تحويل “التكية السليمانية” وما حولها إلى ساحة مطاعم ومحلات لبيع الشاورما والبوظة، إضافة لمشاريع استثمارية أخرى في هذه المنطقة الأثرية.
وأطلق عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حينها، وسم هاشتاغ بعنوان “التكية السليمانية في خطر .. دمشق لن تغفر لكم”، لتسليط الضوء على الانتهاكات التي تنوي حكومة النظام ارتكابها بحق هذا المعلم الأثري الهام.