يبدو أن عام 2019 الجاري هو عام الأطماع الإيرانية في سوريا، فمنذ بدايته وإلى تنشط الماكينات الإيرانية سواء على صعيد التغلغل في عدد من المدن والبلدات الاستراتيجية وبالأخص دمشق القديمة، أو على صعيد سعيها للاستحواذ على الكهرباء السورية، أو فيما يتعلق بربط شبكة الطرق البرية بينها وبين العراق وسوريا، وغيرها من الأطماع والمشاريع التوسعية والتي تهدف لزيادة نفوذها وتثبيت قدمها في سوريا.
ورغم أن هذا العام شارف على الانتهاء، إلا أن الأطماع الإيرانية لا يبدو أن لها نهاية أو ستتوقف عند هذا الحد، بل تحاول بشتى الوسائل أن تتحكم بكل مفاصل حياة السوريين بضوء أخضر من نظام الأسد.
وفي آخر صيحاتها، تسعى إيران وعبر ماكيناتها وأذرعها في دمشق وما حولها للاستحواذ على “القطاع الخاص” وخبراته بحجة تنشيط التبادل التجاري وتوسيع الاستثمارات الاقتصادية المشتركة، وفق ما ذكر إعلام موالي للنظام.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أمر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، المدعو ” مجتبى ذو النوري”، أمر رئيس حكومة نظام الأسد “عماد خميس”، بضرورة ” استثمار خبرات القطاع الخاص بين الجانبين، لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة”.
ونقل “ذو النوري” لحكومة نظام الأسد، مطلب بلاده التي تنوي تبادل الخبرات والتجارب الناجحة مع الجانب السوري في مرحلة إعادة الإعمار، وخصوصا في مجالات الطاقة والزراعة وتطوير البنية التحتية والطرق والصناعات الاستراتيجية”.
ويرى مراقبون أن إيران تريد ثمنا لتدخلها إلى جانب النظام في حربه ضد السوريين، وهي تحاول أن تضع يدها على القطاعين “العام والخاص” في مجالات عدة في سوريا، كونها تخطط لمنع أي شركة عامة أو خاصة مستقبلا في أن يكون لها حصة في “كعكة” إعادة الإعمار.
ويؤكد كلام المراقبين ما تحدث به “ذو النوري” أمام رئيس حكومة النظام إذ قال، إن “الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب زادت من عمق العلاقات التاريخية بين الشعبين الصديقين والتي سوف تستمر بعد تحقيق سورية الانتصار الكامل في حربها على الإرهاب”، الأمر الذي فسره مراقبون أنها رسالة إيرانية واضحة ومبطنة بذات الوقت لنظام الأسد، بأن إيران هي من تحارب الإرهاب دفاعا عن الأسد، وهي تلميح مباشر أنها تريد قبض ثمن ما تقوم به.
ولم يصدر من حكومة نظام الأسد أي اعتراض على تلك الأمور وتلك الرسائل الإيرانية، بل على العكس، ذكر رئيس حكومة النظام “عماد خميس” بما معناه، أن المطالب الإيرانية محقة وأن “الاتفاقيات التي تعقدها إيران تعود بالفائدة على البلدين الصديقين سوريا وإيران” على حد زعمه.
وذهب “خميس” إلى أبعد من ذلك من خلال إعلان الرضوخ للأوامر الإيرانية فيما يخص “الاستحواذ على القطاع الخاص”، وقال إن ” الفترة الحالية تشهد تكثيفاً للجهود الحكومية لاستثمار الموارد المحلية بالشكل الأمثل، واستنهاض المقدرات البشرية والمادية للتخفيف من آثار الحرب على الواقع المعيشي للمواطنين، بالتوازي مع وضع خطط استراتيجية لتحصين الاقتصاد الوطني خلال المرحلة القادمة”، على حد ادعاءاته.
يذكر أنه في مطلع أيلول/سبتمبر الماضي، وجهت إيران أنظارها إلى “المنطقة الحرة بعدرا”، وذلك من خلال الحصول على موافقة حكومة نظام الأسد لترخيص مركز تجاري إيراني في المنطقة الحرة بدمشق، في حين ذكرت وزارت اقتصاد نظام الأسد أنه “يتم حاليا تجهيز البناء الذي سيضم لاحقاً بضائع إيرانية، إضافة لمعرض دائم للمنتجات الإيرانية في المنطقة الحرة بدمشق”، الأمر الذي يعزز ما يحذر من مراقبون من مغبة التغلغل الإيراني على كافة الأصعدة في مفاصل القطاعات الاقتصادية والتجارية الهامة في سوريا.