أزمة اقتصادية تتواصل في سوريا في ظل الانهيار الصاروخي الذي تشهده الليرة السورية مقابل باقي العملات الصعبة وخاصة الدولار.
وبين لحظة وأخرى بات سعر صرف الليرة السورية غير مستقر ويتغير نحو الأسوأ، الأمر الذي بدأ يشكل حالة من القلق والتوتر لدى السكان خاصة في مناطق سيطرة نظام الأسد، وسط غياب الحلول للتدخل من قبل حكومة النظام لإنقاذ الليرة من هذا الوضع المتهاوي.
وتمر الليرة السورية في الأشهر الأخيرة من سنة 2019 بأسوأ مراحلها، بعد أن تخطى سعر صرف الدولار عتبة الـ 800 ليرة سورية ليصل إلى حدود 830 ليرة وسط مخاوف من انهيار الليرة السورية بشكل أكبر، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات عن الأسباب القريبة والبعيدة التي تقف وراء وضع الليرة المتدهور.
وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي “سمير طويل” لـ SY24 إنه “في كل يوم بتنا نرى أن هناك فروقات واضحة في أسعر الصرف بين سعر الإغلاق وسعر الافتتاح، ومنذ عشرة أيام والليرة السورية تعاني من انهيار حاد وكل يوم جديد هناك سعر جديد آخر”.
وأضاف “طويل”، أن “أهم الأسباب هو نقص السيولة من الدولار في السوق السورية إن كان بمناطق نظام الأسد أو بمناطق المعارضة، إضافة إلى لبنان التي هي الحديقة الخلفية للاقتصاد السوري، كون أغلب المصارف اللبنانية لم يعد لديها سيولة من الدولار والتي كانت خلال كل تلك السنوات تؤمن الدولار لنظام الأسد”.
وأشار إلى أن “ما يجري في العراق والثورة المندلعة هناك أثر بشكل كبير على تعثر اقتصاد نظام الأسد، بعد أن كانت إيران ومن خلال العراق وعبر الخط الائتماني دعم النظام في سوريا بموضوع الدولار والاستيراد وتقديم المشتقات النفطية، إلا أن الثورة العراقية أثرت على كل ذلك”.
ورأى “طويل” أن من الأسباب الأخرى وراء تدهور الليرة السورية هو أن “البنك المركزي التابع لنظام الأسد وحتى القبضة الأمنية فقدت كل التدخل في محاولة استقرار سوق الصرف في سوريا، فالأمور على ما يبدو أن النظام لم يعد يحتمل الارتفاع الجنوني للدولار، وبدأ بتحميل عبء ارتفاع الدولار للمواطن في مناطق سيطرته”.
وإضافة لكل تلك العوامل، فإن نظام الأسد وعندما كان الدولار شبه مستقر والتذبذب الحاصل ضمن حدوده المعقولة وبعد استعادته السيطرة على كثير من المناطق السورية من يد المعارضة السورية، باتت بحاجة لتأمين مواد غذائية أساسية من القمح والمحروقات وكل ذلك يعمل النظام على استيراده فزادت كلفة الاستيراد، وعلى ما يبدو أن “حيتان الاقتصاد الكبار” الذين كانوا يحاولون تأمين مناطق محددة لا تتجاوز 35% من مساحة الجغرافية السورية التي كانت بيد النظام هم غير قادرين اليوم على تأمين المساحات الجديدة، لأن عملية الاستيراد بحاجة للدولار، وبالتالي المعروض من الدولار قليل جدا نتيجة الطلب المتزايد عليه ما أدى للارتفاعات الحالية، حسب “طويل”.
ومع استمرار خسارة الليرة السورية لقيمتها لا تبدو أن الأمور متجهة نحو الانفراج، بل على العكس يرى محللون اقتصاديون أن الدولار ربما يصل إلى عتبة الـ 1000 مقابل الليرة السورية، ما سينعكس بشكل سلبي على حياة المواطن السوري المعيشية.
من جهته قال عضو جمعية الاقتصاديين الأحرار “أبو اليسر دعاس” لـSY24، إن من أهم أسباب انهيار الليرة السورية هي:
• فقدان كل عوامل الاستقرار.
• فقدان الاحتياطي من النقد الأجنبي.
• طباعة اوراق نقدية فئة 2000 بدون أي رصيد، وربما ورق الجرائد أثمن من هذه العملة الورقية.
• ثورات العراق ولبنان وإيران لها دور كبير في انهيار قيمة الليرة السورية.
• انخفاض الإنتاج والتصدير وربما انعدامه.
وتحاول قوات أمن النظام ضبط سوق الصرافة من خلال حملات أمنية تشنها على محلات تصريف العملات، في العاصمة السورية دمشق، حسب موقع “اقتصاد”، إلا أن كل تلك الحملات لم تمنع من تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار.
وحسب المصدر ذاته، فإن “أسواق دمشق بدأت من ضعف الحركة في ظل تراجع القدرة الشرائية واستمرار تهاوي سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، في حين تشهد الأسواق ركودا ملحوظا وغلاء في معظم أنواع السلع الغذائية، حيث ارتفعت بعض الأصناف لضعف سعرها تقريبا”.
فيما تداول ناشطون، السبت، أن استنفارا أمنيا غير مسبوق تشهده أسواق الصرافة في مدينة حلب، وسط إغلاق لمحلات الصرافة بعد رفضهم التعامل بفئة الـ “2000 “ليرة سورية وكذلك فئة الـ “1000” وفئة الـ “500” الزقاء، بعد أن تم رفض صرفها في لبنان والأردن، إذ شكك الصرافون بقيمة تلك الفئة من هذه العملات واعتبروها مزورة، الأمر الذي دفع بقوات أمن النظام لشن حملات أمنية ضد الصرافين بحجة أن ذلك تشكيك بالعملة الوطنية، الأمر الذ رأى فيه مراقبون أن كل ذلك من تداعيات النزيف الحاد لليرة السورية وفقدانها لقيمتها أمام باقي العملات الصعبة.