أجرت منصة SY24 لقاءً خاصاً مع “أنس العبدة” رئيس الائتلاف الوطني السوري، للوقوف على آخر التطورات السياسية والميدانية على الأرض.
اجتمعتم مع مجموعة سفراء وممثلي الدول في إسطنبول وهو اجتماعكم الأول لهذا العام، ما هي الرسائل التي قدمتموها لهم في ظل الأوضاع الراهنة؟
أنس العبدة رئيس الائتلاف الوطني السوري:
“نقلنا للمبعوثين والدبلوماسيين حالة الغضب الشعبي، والاستياء من طريقة تعاطي الدول الصديقة والشقيقة مع الوضع في إدلب، وخاصة أنها منطقة كانت قد حصلت على تفاهمات دولية باعتبارها منطقة لخفض التصعيد”.
“كما أكدت لهم أن ما يحصل في إدلب سببه تقصير دولي أولاً، حيث أن المجتمع الدولي تقع على عاتقه مسؤولية تطبيق القرارات الدولية وحماية المدنيين”، كذلك إن سكوت المجتمع الدولي عن الجرائم التي ترتكب في سورية يشجع المجرمين على ارتكاب المزيد من الجرائم ويدفع الوضع في سوريا نحو الأسوأ”.
“ردة الفعل الصامتة من المجتمع الدولي على ما يجري في إدلب، سوف يكون لها دور كبير في التأثير السلبي على العملية السياسية”.
مازال الائتلاف بنظر الكثير من السوريين قائداً للعملية السياسية كونه يملك اعترافاً دولياً، ما هو وضع الائتلاف على الخريطة السياسية وكيف تصفون العملية السياسية؟
“هنالك تحديات كبيرة نواجهها سياسيًا وعسكريًا، وذلك لعوامل داخلية، مرتبطة بوضع الثورة والتطورات على الأرض، وربما أيضاً بوضع الائتلاف نفسه، لكن عامل الضغط الرئيسي الذي تعرض له الائتلاف منذ تشكيله ناجم عن حالة دولية”.
“المجتمع الدولي حدّد منذ البداية خياراته في التعامل مع نظام الإجرام وحلفائه بشكل متدنٍ وغير فاعل. هذا الموقف المتعنت الذي تتمسك به الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي، بات سبباً في الكارثة”!
“الديمقراطية والحرية لا صاحب لها، ونرى أن للاستبداد والقتل والإجرام أصحاب كثر دعموه بقوة بغض النظر عما وراء ذلك من غايات وخطط، لكن النتيجة أن المجرمين يتركون ليمارسوا جرائمهم حتى اليوم، لا يمكن حل هذه القضية بالطرق التقليدية بالتصريحات بقرارات مشلولة”.
“هناك حالة دولية تحاول أن تفرض على الائتلاف أن يغير من سلوكه أو يغير مواقفه. لكن هذا أمر غير ممكن، فحضور الائتلاف وشرعيته مرتبطة بالتزامه بمبادئ الثورة السورية، وفي حال تخلى عن هذه المبادئ فقد تخلى عن تمثيله وشرعيته”.
يبدو أن اللجنة الدستورية قد وصلت إلى طريق مسدود حيث أن الأمم المتحدة تبدو عاجزة تماماً أمام رفض نظام الأسد الانخراط الجدي بها، كيف تنظرون لهذا المسار في الوقت الحالي؟ وما هو تقييمكم لدور الأمم المتحدة؟
“العقبة الأهم هي أن أدوات تنفيذ القرارات الدولية معطلة، كما هو الحال في ملفات مشابهة أخرى، حيث ينكشف عجز المنظومة الدولية عن مواجهة أخطر الأزمات، وفتح الباب أمام هذه الأزمات لتتوسع وتتمدد وتتحول إلى كوارث دولية”.
“لقد عبرنا في كل المراحل عن التزامنا بالحل السياسي، ودعمنا كل مبادرات المبعوثين الدوليين على مختلف المراحل.. لكن هذه الأوضاع تمنح النظام وحلفاءه الضوء الأخضر للتحايل على القرارات وخرقها دون أي عواقب، ولا تقوم الأمم المتحدة ولا المجتمع الدولي بما يلزم لمواجهة مسؤولياتها في هذا الملف”.
شعرنا في الفترة الماضية أن المعارضة السياسية بكافة أطيافها تعيش حالة من الانقسامات الداخلية التي قد تؤدي إلى انقسامات واضحة داخل هيئة التفاوض بشكل خاص، ما مدى صحة ذلك؟
“نحن دائماً ندرك بأن حالة تنوع التوجهات داخل تيار الثورة حالة صحية، أليست هذه هي مبادئ الديمقراطية!؟ وستكون هذه التنوعات ثورية ما دامت متمسكة بمبادئ الثورة، فإذا خرجت عن مبادئ الثورة، فيجب أن تصنف نفسها في مكان آخر”.
“قوى الثورة متفقة على القواعد الأساسية للعملية التفاوضية، وهي قواعد مؤسسة على القرارات الدولية وعلى رأسها لقرار 2254 وما يتعلق بالانتقال السياسي، وتحت هذا الملف لا نخشى من وجهات النظر المختلفة، بالنهاية الائتلاف مؤسسة سياسية معترف بها دولياً، وهو كان وسيبقى وفياً للمبادئ التي تأسس عليها هذا الجسم السياسي”.
“كل من يؤمن بالثورة، ولديه حس وطني من أجل التغيير والنضال، فأبوابنا مفتوحة لكل من يقبل بالعمل المؤسسي، ويلتزم بمبادئه”.
لا يوجد هدنة حقيقية في إدلب رغم إعلانها من قبل روسيا وتركيا، كيف تنظرون للجهود التركية في محاول ايقاف القصف على إدلب وريف حلب؟ وماذا قدم الائتلاف دبلوماسياً لإيقاف القصف؟
“حجم المسؤوليات الملقاة على تركيا كبير، ونتطلع إلى مساهمة تركية أكبر”.
“دول العالم بعيدة جداً عن مستوى الدعم الذي تقدمه تركيا. خاصة وأنها تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤوليات في ما يتعلق بالمهجرين واللاجئين والنازحين وما يتعلق بالملفات الأخرى”.
“الائتلاف يكرس جهوده السياسية الدبلوماسية من أجل وقف القصف والإجرام وتبيان مخاطر عدم اتخاذ مواقف جادة لوقف العدوان”.
“لكن يبدو أن أجندات بعض أعضاء المجتمع الدولي تلتقي مع أجندات المجرمين أكثر مما تلتقي مع أجندات الأطراف الساعية للتغيير والحرية”.
ما هي السيناريوهات المتوقعة أو المحتملة للوضع الميداني الداخلي تحديداً في مناطق الجبهات إدلب، وريف حلب، وشرق الفرات؟
“النظام يتعامل بسياسة الأرض المحروقة لكي يتقدم في ريفي حلب وإدلب، هناك يومياً عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين، بالإضافة لآلاف النازحين، جرّاء القصف المتواصل دون توقف بأكثر من 200 غارة يومية على منازل المدنيين في أكثر من 45 مدينة وبلدة”.
“غياب المجتمع الدولي عن الجرائم اليومية التي تحصل، يضعهم في موقف المشارك في عملية الإبادة التي تحصل بحق 6 ملايين سوري ضمن بقعة جغرافية صغيرة”.
“السيناريوهات في المنطقة مفتوحة على نحو غير مسبوق… المواجهة هناك لن تكون سهلة هذا هو الخندق الأخير ولا يتوقع أن هذا المنطقة ستكون مثل بقية المناطق. لأسباب متعددة”.
“سيكون هناك نتائج كارثية على الأرض، ربما حالة لجوء لم يسبق لها مثيل، وموجات من اللاجئين لن تتحملها تركيا”.
“النظام يتعامل مع المنطقة بسياسة النفس الطويل لكي يرهق الناس أكثر وأكثر ويتمدد أكثر وأكثر، الجيش الوطني يدرك ذلك ويواجه بما هو متوفر من إمكانيات ويتمكن من التصدي للخروقات والانتهاكات في ظل غياب المجتمع الدولي”.
واختتم العبدة قائلاً: “نحن مقبلون على مرحلة جديدة عنوانها المقاومة والتحرير، النظام المجرم في حالة انهيار اقتصادي واجتماعي بطيء، وعسكرياً هو غير قادر على حماية نفسه بدون الدعم الروسي والإيراني. والمستقبل لصالح الشعب السوري حتمًا”.