باتت مدينة تدمر شرقي محافظة حمص، نقطة تمركز للميليشيات الإيرانية وميليشيا “الدفاع الوطني” التابعة للنظام السوري إضافة للقوات الروسية، خاصة بعد تهجير قسم كبير من أهلها وسيطرة النظام عليها بعد خروج تنظيم الدولة “داعش” منها أواخر العام 2017.
وذكرت مصادر مهتمة بتوثيق الانتهاكات في تلك المدينة وما حولها، أن “القواعد العسكرية الإيرانية باتت منتشرة بكثرة في تدمر وسط نشاط ملحوظ لتلك الميليشيات التي استباحت تدمر وباديتها بالكامل، بالإضافة إلى مدينة السخنة شمالي تدمر والمحطة النفطية الثالثة شرقي المدينة”.
وبدأت إيران بتأسيس قواعد مركزية لها ومعسكرات تدريب خاصة بها، بالإضافة لبناء حوزات إيرانية للعبادة في المنطقة، وعقب السيطرة على المنطقة بدأت إيران بالتعاون مع نظام بشار الأسد بإرسال المقاتلين من إيران إلى سوريا عبر العراق، ومن ثم إلى تدمر للالتحاق بمعسكرات التدريب وزجهم في معارك سوريا في عدة مناطق.
وحسب الناشط الحقوقي وهو أحد سكان تدمر “محمد الأسعد” ، فإن المليشيات الإيرانية تتوزع إلى عدة ألوية وكتائب شيعية، وتسيطر على عدة مناطق مهمة في تدمر وباديتها، فعلى سبيل المثال يعد مطار تدمر العسكري قاعدة مركزية إيرانية بالكامل، ومن خلاله تصدر تعليمات العمليات العسكرية في البادية وريف حمص الشرقي.
وأضاف “الأسعد” لـ SY24 ،أن “ميليشيا لواء فاطميون تسيطر على محمية التليلة شمالي المدينة بنحو 15 كم، وتعد المحمية معسكر تدريبي للواء وتخريج المقاتلين الشيعة، فيما يسيطر لواء زينبيون، وكتائب حصن الوطن على مدينة السخنة بالكامل، وتسيطر ميليشيا حزب الله اللبناني على حقل الهيل النفطي قرب السخنة، فيما تبقى المحطة الثالثة شرقي تدمر وهي شركة سورية لنقل النفط تحت سيطرة ميليشيا عصائب أهل الحق، والمقاومة العراقية الإسلامية، بينما يسيطر مقاتلين من ميليشيا لواء القدس، وكتيبة فلسطينية أيضاً تتبع إيران على حقول الشاعر وجزل وجحار غربي تدمر، وتعتبر ميليشيا قوات النخبة مسؤولة أيضاً عن حماية هذه الحقول”.
ويبلغ تعداد المليشيات الإيرانية في تدمر وريفها، حسب مصدرنا، حوالي 4 آلاف مقاتل يقودهم جنرال إيراني يدعى الحاج “كمال عباس” ويقطن داخل مطار تدمر العسكري، فيما يتواجد أكثر من 4 ضباط إيرانيين أمنيين داخل مدينة تدمر يقطنون داخل فيلا “حسين بخيتان” شقيق “محمد سعيد بخيتان” الأمين العام السابق لحزب البعث السوري.
وقال “الأسعد” في حديثه مع SY24، إن “تأسيس وبناء القواعد العسكرية وتعيين الضباط الإيرانيين، يعود إلى قاسم سليماني الذي زار تدمر أكثر من مرتين وأشرف بنفسه على توزيع المليشيات في المنطقة، وربط جهاز الأمن العسكري بتدمر مع الضباط الإيرانيين بشكل مباشر”.
ورغم كل ذلك الانتشار لم تكتف إيران بالشق العسكري، بل أقامت “حوزات” إيرانية في مدينة تدمر بحي الجمعية الغربية ومدينة السخنة أيضا، وذلك ﻹقامت الطقوس الشيعية فيها ولتكون مرجعا للمقاتلين في المنطقة، حسب المصدر ذاته.
وفي ردمنه على سؤال حول آلية تمويل تلك الميليشيات الإيرانية، قال “الأسعد”، إن “إدارة وتمويل المليشيات من قبل إيران فكان لإيران حصة من آثار مدينة تدمر والتي تعد من أغنى مدن العالم، فعقب سيطرة الميليشيات على المدينة وتهجير أهلها بالكامل منها قامت هذه المليشيات بالتعاون مع ضباط فرع البادية 221 في تدمر، بالتنقيب على الآثار وسرقتها بالقرب من قوس النصر ومعبد بل، ومنعت حتى عناصر النظام من الاقتراب من المنطقة بحجة إزالة الألغام، لتقوم المليشيات بتهريب كميات كبيرة من القطع الأثرية عبر برادات نقل البضائع من تدمر إلى لبنان برفقة بعض ضباط المخابرات التابعين لها”.
ويلاحظ من خلال رصد حركة تلك الميليشيات في المدينة التي يوجد فيها بعض العائلات، أن هذه المليشيات تبقى بعيدة عن الاحتكاك بأهالي تدمر لأن 90 % من أهل المدينة قد هجروا بعد تدمير المدينة من قبل النظام والروس والإيرانيين، وتحويل تدمر إلى ثكنة عسكرية روسية إيرانية.
أما عن الجانب الروسي الذي يتقاسم السيطرة مع إيران على المنطقة، فيوجد لروسيا قاعدة خاصة وسط تدمر مقابل فرع البادية 221، وهي تحت حراسة أمنية وأجهزة تجسس ومراقبة، ويمنع دخول أي عنصر من النظام أو الإيرانيين إليها.
كما يتواجد داخل مدينة تدمر، نحو 300 مقاتل من القوات الخاصة ومليشيا “فاغنر” الروسية، فيما تبقى السيطرة الكبرى لمليشيات إيران بالمنطقة التي تتخذ من تدمر مكان استراتيجي وسط سوريا، ومنفذ قريب من الحدود العراقية التي تأتي منه المليشيات، إضافة لكونه صلة وصل بريف دير الزور الشرقي من الشرق للوصول إلى حقول النفط والغاز غربي تدمر.