هل الخطب الأممية العصماء قبول ضمني بإبادة الغوطة؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

يقولون لا تصدق ما يقوله السياسيون في البيانات الرسمية والتصريحات والخطب النارية والمؤتمرات، وغير ذلك من قائمة المواقف التي تعكس وجهة نظر دولة تجاه حدث معين، وفعلاً أسقطت هذه المقولة على أحداث غوطة دمشق الشرقية الحالية فوجدتها لم تُجانب صواباً.

منذ قرابة عشرين يوماً حين اشتدت وتيرة القصف على قرابة 400 ألف مدني يسكنون الغوطة الشرقية، وما رافق الحملة العسكرية من تصريحات روسية وإيرانية عن ضرورة القضاء على ما أسموه “الإرهاب في الغوطة”، ومن ثم القرار الأممي الميّت قبل ولادته 2401 القاضي بوقف إطلاق النار، وهدنة الساعات الخمس التي أعلنت عنها موسكو، وألف شهيد قتلوا في مدن وبلدات الغوطة، ناهيك عن الغازات السامة وعمّا لحق بالبنية التحتية وقطاع الخدمات والمرافق الطبية والتعليمية، ليس هناك وصف أدق مما وصف به الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيرس”، الوضع في الغوطة حين قال إنها “نهاية العالم”.

كل ما سبق، حدث بالتزامن مع تصريحات دولية ومواقف أممية وبيانات صدرت عن منظمات إغاثية عالمية، والقارئ لتلك المواقف والتصريحات، والخطوط الحمراء والتهديدات و الاستنكارات، واجتماعات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان، وما تتميز به الأطراف السابقة من ثقل في الساحة وصنع القرار، يظن أن الطرف الآخر المتمثل بروسيا وإيران وبقايا نظام الأسد يجلسون في “لاهاي” بانتظار صدور حكم جرمي بحقهم.

لكن يبدو أن هؤلاء ليسوا في مأمن فقط من الحساب والعقاب، بل يسيرون في مخططهم وفق ضوء أخضر دولي وتفاهمات تم الاتفاق عليها مسبقاً، وأعتقد أن الموقف الأممي والدولي ما يريده في هذا الصدد من ثالوث الإجرام هو إنهاء مسألة الغوطة في أسرع وقت ممكن، وهذا الذي خلق مبرراً لنظام الأسد باستخدام سياسة الأرض المحروقة للتقدم وقضم أراضي الغوطة، ولا ننسى هنا الدور الإيراني سياسياً وعسكرياً، فرغم غيابه عن وسائل الإعلام بشكل لافت، إلا أن ميليشيات طهران تشارك بشكل فعال، لا بل إنها القوة الأكثر حضوراً في المعركة خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الغوطة محاصرة أصلاً منذ خمس سنوات من قبل الميليشيات الإيرانية.

في نهاية 2016 أو ما يعرف بمأساة أحياء حلب الشرقية، هكذا بدا الموقف الدولي هزيلاً أمام هول ما حدث حينها، واليوم ها هو التاريخ يعيد نفسه، ترى كم ستندم الدول التي قبلت أن يباد عشرات الآلاف أمام ناظريها؟، وبعد سنوات ستمضي من سيعيد ما قاله الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، “أشعر بالندم الشديد لأننا لم نتدخل عسكريا ضد نظام الأسد بعد أن قصف الغوطة بالكيماوي عام 2013″، أم أن هذه أيضاً خطبة عصماء عن القيم والمبادئ مكانها فقط متحف الكلمات.!؟

مقالات ذات صلة