وصفت مجلة “إيكونوميست” البريطانية، رأس النظام السوري “بشار الأسد” بـ “الطاغية المفترس”، مشيرة إلى أن النظام بدأ يفترس كل رجال الأعمال الذين ساندوه، مشيرة إلى أن انتصار “الأسد” يعني مزيدا من المعاناة للسوريين.
جاء ذلك في تقرير مطول نشرته المجلة البريطانية تحت عوان “طاغية الحرمان، كيف عنى انتصار بشار الأسد مزيدا من المعاناة لشعبه؟”، ورصدته منصة SY24.
وذكر التقرير أنه كان من المفترض أن يكون العام هذا هو عام التعافي لبشار الأسد، فبعد حوالي عقد من الحرب الأهلية، استطاع ديكتاتور سوريا هزيمة معظم المتمردين الذين حاولوا إزاحته من المنصب.، وكان يأمل بدفعة أخيرة تؤكد انتصاره، وبعدها تعيد القوى الغربية التي لن تجد بديلا عنه العلاقات الدبلوماسية وتشارك في تمويل عمليات إعادة الإعمار، وحتى الآن لم ينجح هذا الرهان.
وأرجع التقرير سبب فشل هذا الرهان إلى أن المعارضة التي تدعمها تركيا قاومت هجوما عسكريا على معقلها الأخير في محافظة إدلب، ورغم تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا، إلا أنها لا تزال في منطقة شمال شرق البلاد الغنية بالنفط، وتساعد الأكراد على تأمين سيطرتهم عليها، كما أثرت العقوبات الأمريكية على الاقتصاد السوري، وزادت الأزمة المالية في لبنان من المعاناة، ثم جاءت أزمة كورونا التي ضربت سوريا بقوة.
وجاء في التقرير أيضا أن الوضع الإنساني في مناطق سيطرة النظام أصبح أسوأ مما كان عليه في ذروة الحرب الدائرة في سوريا، وأدت الحرب إلى إضعاف الاقتصاد، إذ باتت تنتج سوريا اليوم 60 ألف برميل نفط وهو سدس ما كانت تنتجه قبل الحرب، ولم تنتج سوريا من محاصيل القمح العام الماضي إلا نصف ما كانت تنتجه قبل الحرب.
ولفت التقرير إلى أن النظام السوري حاول التستر على حجم انتشار كورونا في مناطقه، وأمر الأطباء لردّ الوفيات إلى الالتهابات الرئوية، كما أن حكومة النظام لم تعلن إلا عن وفاة 200 شخص بسبب فيروس كورونا، مع أن الأرقام أعلى بالتأكيد.
وتطرقت المجلة في تقريرها إلى الأزمات التي يعانيها السكان في مناطق سيطرة النظام وذرت في تقريرها أن “أسعار الطعام ارتفعت إلى مستويات عالية بدرجة باتت النساء تغلي الحشائش لأكلها، وفي مخابز العاصمة دمشق، يقفز الرجال فوق بعضهم البعض للإمساك بما يمكن أن تتناوله أيديهم مما تبقى من الخبز المدعم، وفي كل أنحاء البلاد تمتد الطوابير أمام محطات الوقود إلى أميال، فيما تحولت أجزاء كبيرة من المدن إلى أنقاض، ولم يعد للعملة المحلية أي قيمة، لدرجة بات فيها السكان يستخدمونها للف سجائرهم”.
ويشير التقرير إلى أنه ومع ذلك، فإن النظام يزداد شراسة ويفترس رجال الأعمال والمزارعين الذين ساندوه، في حين أن ضباط الجمارك والمليشيات شاحنات ويصادرون البضائع، ثم يطلبون رشىً كبيرة لإعادتها، كما يشتري رجال النظام العقارات والشركات.
ونقلت المجلة عن أحد المحللين الذين يزورون دمشق غالبًا قوله إن ” الأسد يستحوذ على المزيد من الاقتصاد لنفسه”، كما نقلت عن رجل أعمال موال قوله “لم أعد أؤمن أنه سينجو”.
كما نقلت عن أحد الموالين قوله إن “هناك من يحلم بمشاريع بعيدة المنال يمكن أن تخرج سوريا من مأزقها. فلو دفن الأسد خلافاته مع رجب طيب أردوغان، فعندها ستأتي الشركات التركية وتعيد بناء سوريا”.
وأشارت المجلة في تقريرها إلى أنه “بعد عقدين في السلطة، أثبت النظام تصميما على البقاء، في حين لا يعرف الموالون وعمال الخدمة جهة أخرى تدفع لهم الشيكات، وتقوم الشرطة السرية بقمع التظاهرات الشاذة، أما الجيش فيواصل ضغطه على إدلب”.
وتابعت أن “فترة ولاية الأسد الثانية انتهت، وقيل إنه يخطط لانتخابات مهزلة جديدة، ويقال إنه وزوجته أسماء يحضران ابنهما حافظ البالغ من العمر 18 عاما لتسلم السلطة”.
وختمت المجلة تقريرها بعبارة أنه “بالنسبة لعائلة الأسد، فمجرد البقاء في السلطة هو انتصار”.
وسبق تقرير المجلة البريطانية، تقرير صادر عن “معهد دراسات الشرق الأوسط”، أكد فيه أن النظام السوري ألحق أضرارا كبيرة بالآثار التاريخية في سوريا، مشيرا إلى أن رأس النظام “بشار الأسد”، يستخدم التراث الثقافي كأداة ترويجية له، وأنه يدعي المحافظة على التراث السوري من خلال نشر قواته في مواقع أثرية.
وأشار التقرير إلى أن النظام يتحمل المسؤولية الأكبر في إلحاق الضرر بالآثار التاريخية، وأن ماكيناته الإعلامية تروج له من خلال نشر تقارير عن تواجد الجيش في مواقع وأماكن تراثية لحمايتها، إضافة لنشر تلك الماكينات نشرها صوراً لرحلات منظمة إلى مدينة تدمر الأثرية تحت شعار “المحافظة على التراث السوري”.
يشار إلى أن طوابير المواطنين التي تنتظر الحصول على الخبز والمحروقات تتصدر واجهة الأحداث الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام، في حين يرجع النظام وكومته الأسباب إلى حجج وذرائع واهية تزيد من سخط المواطنين، وسط عجزه عن إيجاد الحلول لتلك الأزمات التي تتفاقم يوما بعد يوم.