أكدت مصادر سورية معارضة وتركية أن روسيا أرادت من خلال ارتكابها المجزرة عقب استهداف موقع تابع للجبهة الوطنية للتحرير المدعومة من تركيا وإيقاع عشرات القتلى والجرحى، إرسال عدد من رسائل الضغط على الطرف التركي في منطقة إدلب شمالي سوريا.
وقال المحلل السياسي التركي “مهند حافظ أوغلو” لـSY24، إن “موسكو صعدت في إدلب كونها تحت ضغط في أكثر من ملف إقليمي وأهمها ملف كاراباغ الأذربيجاني، وربما يكون هناك تفاهم روسي أمريكي على هذا القصف للضغط على تركيا كي تتوقف عن دعمها لأذربيجان، وربما امتعاض روسي لدعوة وزيري الخارجية الاذري والأرمني إلى واشنطن من أجل اتفاق الهدنة”.
وأضاف “حافظ أوغلو” أنه “في المجمل على روسيا ضغط وتحاول أن ترسل رسائل سياسية بثوب عسكري لأنقره، ولكن هل ستتحمل روسيا تبعات هذا التصعيد إذا ما تفلتت الأمور؟ وهل سنرجع إلى ما قبل اتفاق آذار الماضي؟”.
ورأى “حافظ أوغلو” أن “روسيا ليست هي المسؤولة بطبيعة الحال، بل المجتمع الدولي بسبب تقاعسه في الملف السوري مما جعل لروسيا اليد المطلقة هناك، والرد التركي سيكون دقيقاً ومدروساً بعد الاطلاع على ما ستقوله موسكو، وإن كان وزير الخارجية الروسي قد أطلق رسائل حمّالة أوجه لتركيا ولكن الملف السوري ملف في غاية الأهمية والتعقيد لدى أنقرة”.
أما الحقوقي “عبد الناصر حوشان” فقال لـSY24، إن “التصعيد تزامن مع زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى دمشق وفشله في إقناع بشار الأسد بجدول أعمال اللجنة الدستورية، حيث أن النظام يصر على أن الأمر سوري صرف ولن يقبل بأي تدخل خارجي، وإصراره على مناقشة بعض النصوص الدستورية، أي استمرار حالة الاستعصاء في عملية اللجنة الدستورية، فكانت الغارة الروسية على معسكر تابع لفيلق الشام “المدعوم تركياً رسالة واضحة للمعارضة وتركيا وللمجتمع الدولي بالتخلي عن مشروع الانتقال السلمي للسلطة”.
وأشار “حوشان” إلى أن “النتيجة هي خلط الأوراق، ويمكن أن تقع بعض المناوشات بين الجيش الحر وبين النظام ليتدخل المجتمع الدولي لإعادة ضبط الأمور، فتأخذ الأمور فترة زمنية بين أخذ ورد ومماطلة من النظام بحيث يمرر الاستحقاق الانتخابي بدون دستور جديد أو أي تعديلات على الدستور القائم”.
وفيما يتعلق بالرد التركي والسيناريوهات القادمة أوضح “حوشان” أن “الرد التركي لا أعتقد أن يكون بحجم فتح معركة واسعة، وإنما سيقتصر على منح الفصائل الضوء الأخضر لاستهداف عصابات الأسد بضربات محدودة، وممكن أن تتطور الأمور إذا تدخلت إيران على خط تخريب الهدنة”.
وتابع أنه “لا ننسى أن إيران متمركزة في مناطق ريف حلب الجنوبي، فمن الممكن أن تقوم بالتحرش بالفصائل المرابطة هناك، وهدفها من ذلك أن تعيد توازنها في الملف السوري بعد سيطرة الروس على القرار، ولا ننسى أيضا النزاع في أذربيجان والموقف الإيراني الروسي ضد تركيا”.
ويوم أمس الإثنين، ارتكبت طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الروسي، جريمة جديدة راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى في محافظة إدلب، شمالي سوريا.
وقال مراسلنا إن “الطيران الروسي قصف بالصواريخ الفراغية منطقة الدويلة بالقرب من بلدة أرمناز في ريف إدلب، ما أدى لمقتل وجرح نحو 100 شخص”.
وأكدت مصادر محلية أن “القصف الجوي استهدف موقعا للجبهة الوطنية للتحرير التي تدعمها تركيا، وتعتبرها روسيا من الفصائل العسكرية المعتدلة”.
وسبق أن استهدفت المقاتلات الروسية موقعا عسكريا لـ “فيلق الشام” في محافظة إدلب، بالتزامن مع مفاوضات “أستانا” التي كانت تدور بين تركيا والمعارضة السورية من جهة، وروسيا والنظام السوري من جهة أخرى.
وتتزامن الخروقات الروسية مع الزيارة التي أجراها الوفد التركي قبل أيام إلى موسكو، لبحث ملف إدلب والأسباب التي تقف وراء استمرار موسكو في خرق وقف إطلاق النار.
يشار إلى أن روسيا ادعت مطلع أيلول الماضي، أنه ما يزال هناك الكثير من العمل في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، وأن العمل مع تركيا هناك في تقدم مستمر، وأن ما يهم روسيا هو “عدم وجود أحداث دموية”.
يذكر أنه في 5 آذار الماضي، توصل الطرفان التركي والروسي لاتفاق لوقف إطلاق النار في منطقة إدلب، وتسيير دوريات على طريق “حلب اللاذقية”، إلا أن روسيا ومن خلفها قوات النظام السوري استمرت في خروقاتها ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقات المبرمة مع تركيا بهذا الخصوص.