كشفت تحقيقات أجرتها “وحدة جرائم الحرب الألمانية”، عن أن “ماهر الأسد” شقيق رأس النظام السوري “بشار الأسد”، هو الذي أعطى أوامر مباشرة بقف الغوطة الشرقية في ريف دمشق بالسلاح الكيماوي في آب/أغسطس 2013، وبضوء أخضر من “بشار الأسد” نفسه.
جاء ذلك وفقا لما نقلته مجلة “دير شبيغل”، وقناة “دويتشه فيله” الألمانيتين، اللتين أعلنتا حصولهما على تفاصيل ونتائج التحقيق الذي توصلت إليه “وحدة جرائم الحرب الألمانية”.
وحسب التحقيقات فإن مفتاح الشكوى الجنائية المقدمة في ألمانيا هو المجموعة المتنوعة من شهادات الشهود والتي تضم عسكريين وعلماء رفيعي المستوى في مركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا (SSRC)، الذي كان مسؤولاً عن تطوير وصيانة برنامج الأسلحة الكيميائية في البلاد.
وأكدت التحقيقات أن “الدلائل إلى أن ماهر الأسد الأخ الأصغر للرئيس بشار الأسد، والذي يُعتبر على نطاق واسع ثاني أقوى شخص في سوريا، كان القائد العسكري الذي أمر مباشرة باستخدام غاز السارين في هجوم الغوطة في أغسطس 2013”.
ولفتت النظر إلى أن “إفادات الشهود المرفوعة مع الشكوى الجنائية تشير إلى أن نشر الأسلحة الاستراتيجية، مثل غاز السارين، لا يمكن تنفيذه إلا بموافقة بشار الأسد، وبالتالي تشير وثائق التحقيقات إلى الاعتقاد بأن بشار الأسد قد فوض شقيقه بتنفيذ الهجوم”.
وحسب الوثائق التي تتعلق بالتحقيقات فإن “ماهر الأسد كان قد أعطى وقتها الأمر الرسمي على مستوى العمليات، ووفقا لذلك كانت مجموعة النخبة داخل مركز البحوث/ SSRC التي يطلق عليها اسم “الفرع 450″ قد قامت بتحميل العوامل الكيميائية (الغاز) على الرؤوس الحربية، وكان اللواء 155 الصاروخي سيطلق صواريخ أرض – أرض تحت إشراف مباشر من ماهر الأسد”.
ونقلت التحقيقات عن “ستيف كوستاس”، وهو رجل قانون مخضرم يعمل مع فريق التقاضي بمبادرة عدالة المجتمع المفتوح قوله، “لدينا دليل على أن (الأسد) متورط في صنع القرار، لن أقول إننا أثبتنا ذلك بأنفسنا، لكن لدينا بالتأكيد بعض المعلومات التي تشير إلى تورطه في هجمات السارين”.
وأضاف “كوستاس” أنه “لقد أظهرنا أن هناك وحدة محددة تسمى “الفرع 450” داخل مركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا، والتي شاركت بشكل كبير في التخطيط لهجمات السارين وتنفيذها”، موضحا بالقول “لقد أظهرنا التسلسل القيادي المتورط في تلك الوحدة وصلتها بالقصر الرئاسي”.
وذكرت الوثائق أن الهجوم الوحشي (بالسلاح الكيماوي) تسبب بصدمة كبيرة للعالم أجمع وكاد أن يتسبب في تدخل عسكري من قِبل فرنسا وأمريكا وبريطانيا، وعندما انهارت خطط العمليات العسكرية الغربية ضد النظام السوري، تحولت الجهود العالمية نحو المحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت أنه ومع ذلك، فإن روسيا والصين، اللتين تتمتعان بحق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، منعتا جميع محاولات إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وبدلاً من ذلك، تم الاتفاق على أن تنضم سوريا إلى اتفاقية منع انتشار الأسلحة الكيميائية وبالتالي تدمير مخزونها من هذه الأسلحة وفقاً لإجراءات الانضمام.
وتشير وثائق التحقيقات إلى أن “النظام السوري لم يمتثل لالتزاماته بتفكيك برنامج أسلحته الكيميائية بالكامل، ونفى ضلوعه في هجمات بالأسلحة الكيماوية على الأراضي السورية، أما بالنسبة للناجين، فقد فشل المجتمع الدولي في تحقيق العدالة لهم.
وحسب الوثائق، فقد قام كل من “مبادرة عدالة المجتمع المفتوح” و”الأرشيف السوري” و “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” بتقديم شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام الاتحادي في كارلسروه، حيث بدأت “وحدة جرائم الحرب” التي تأسست حديثاً، تحقيقًا تفصيلياً عام 2011 في الفظائع المرتكبة في سوريا.
وجاء في الوثائق أن الشكوى الجنائية وفرت توثيقًا شاملاً إلى جانب معلومات مفتوحة المصدر، مثل المواقع المستهدفة بالقصف، والتي يمكن استخدامها كدليل قانوني على جرائم الحرب المرتكبة في الغوطة وخان شيخون. وتضمنت الشكوى شهادات ما لا يقل عن 50 منشقًا عن النظام السوري لديهم معرفة مباشرة ببرنامج الأسلحة الكيماوية في البلاد.
تم تأكيد جزء كبير من شهادات الشهود بدقة من خلال مقاطع الفيديو والصور التي التقطها أشخاص على الأرض، بما في ذلك الضحايا. تم جمع المحتوى وأرشفته من قبل مبادرة الأرشيف السوري في برلين، والذي تولى مهمة شاقة للتحقق من المواد.
وتابعت أن “هذه الأدلة الرقمية كانت حاسمة في تكوين صورة أوسع للأحداث، بما في ذلك استكمال تحقيق رسمي للأمم المتحدة تم القيام به بشأن هجوم الغوطة”.
ومطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تقدمت مجموعة من المنظمات غير الحكومية إضافة لناشطين سوريين وحقوقيين، بشكوى جنائية لدى الادعاء العام الألماني ضد رأس النظام السوري “بشار الأسد”، وذلك لارتكابه الجرائم بحق السوريين جراء استخدامه السلاح الكيماوي في قصف المناطق المأهولة بالسكان.
وكانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، نشرت تقريرا أكدت فيه على ضرورة الاستناد إلى التقارير التي أصدرتها آلية التحقيق المشتركة وتقرير فريق التحقيق وتحديد المسؤولية لمحاسبة النظام السوري على الاستخدام الواسع للأسلحة الكيميائية.
يذكر أنه في 21 آب/أغسطس 2013، استهدفت قوات النظام غوطتي دمشق بالسلاح الكيميائي، إذ أصيب وقتها أكثر من 12 ألف مدني بغاز السارين، قتل منهم أكثر من 1300 معظمهم من الأطفال والنساء من بينهم 400 طفل.