كشفت وسائل إعلام روسية، أن السلطات في موسكو منعت طباعة كتاب يتحدث عن الحرب الدائرة في سوريا ودور المرتزقة الروس “فاغنر” في القتال إلى جانب قوات النظام السوري.
وفي التفاصيل وحسب ما رصدت منصة SY24، كشفت صحيفة “ميدوزا” الروسية الإلكترونية عن إيقاف سلطات بلادها طباعة كتاب يتحدث عن تفاصيل يرويها مقاتل روسي سابق في مرتزقة “فاغنر” العسكرية الخاصة ويدعى “مارات غابيدولين”، والذي التحق بقوات “فاغنر” عام 2015.
ويروي تقرير الصحيفة الروسية، أن المقاتل الروسي “غابيدولين” قرر بعد إصابته البليغة في تدمر عام 2016، أن يكتب حول تجربته في سوريا موثقًا اللحظات المهمة والمفصلية فيها، وحقيقة الشركات العسكرية الخاصة، وما يتعلق بها من خداع تام أساسه “الجيش والسياسيون الروس”.
وذكر “غابيدولين” أنه بدأ في كتابة الفصل الأول من الكتاب بعد استيقاظه من غيبوبة نتيجة تعرضه لإصابات خطيرة في معارك تدمر في سورية في 15 آذار 2016، وأضاف أنه وجد نفسه في مستشفى عسكري في ضواحي موسكو، وأن الأطباء أخبروه بأنه خضع لعمليات لاستئصال الطحال وجزء من الأحشاء بعد إصابته، وأن غيبوبته دامت قرابة أسبوع.
وتابع أنه عرض فصلاً من الكتاب يتعلق بمعارك تدمر والصحراء السورية، على رجل الأعمال “يفغيني بريغوجين” في 2017 أثناء عمله مساعداً له في تنظيم عمل المرتزقة في سوريا، والمعروف المعروف بـ”طباخ بوتين”، المتعاقد مع الحكومة السورية للسيطرة وحماية حقول النفط في سوريا، وأيضا هو مدرج على لائحة العقوبات الأمريكية.
وقال المقاتل الروسي في سياق المعلومات التي تناقلها الموقع الإلكتروني الروسي، إنه “في أثناء قدومه مع زملائه في الكتيبة إلى سوريا، تفاجؤوا بعدم وجود أي أختام أو تأشيرة على جوازات سفرهم، ودخلوا البلاد بناء على ذلك دون وجود أي عوائق، في إشارة إلى أن الحكومة الروسية لم تكن تريد الاعتراف بوجود مقاتلين مرتزقة غادروا البلاد بشكل رسمي، وأنهم مرروا الأسلحة الموجودة داخل الحقائب في جهاز كاشف المعادن والأسلحة المخصص في المطار بروسيا وأمام موظف الجمارك، دون أي اعتراض”.
وكشف المقاتل الروسي عن تفاصيل تتعلق بتعامل مرتزقة “فاغنر” مع قوات النظام السوري وقال إن “أربعة من جنود (فاغنر) قطعوا رأس جندي سوري تابع للنظام السوري بعد تعذيبه، لنيته الهروب، وأن هذه الممارسات كانت لترهيب من يريدون الهروب من الجيش السوري”، مشيرا إلى أنه كان يعارض هذا الأمر حتى أنه وصف ذلك بأنه “حماقة”.
وأشار المقاتل الروسي إلى أنه “لولا مقاتلو (فاغنر) لما كان باستطاعة القطيع السوري (مقاتلو النظام السوري حسب وصفه) إعلان سيطرته على مدينة تدمر عام 2016”.
وتحدث المقاتل الروسي عن اهتزاز ثقة أفراد (فاغنر) بمرؤوسيهم، بسبب عدم تزويدهم بالأسلحة والمعدات اللازمة في عام 2017، عندما طُلب منهم الاستيلاء على أحد حقول النفط، عدا عن سرقة معظم مخصصات مكافآت مقاتلي الشركة لمصلحة القادة، وأضاف أنه “في بعض الأوقات، كانت هناك حاجة إلى بعض الموارد لإنجاز المهام من القيادة العليا، لم يلبِّ صاحب الشركة المطالب، لأنه لم يكن يريد أن يجادل رؤساءه، وبالتالي تحول المقاتلون كوقود للمدافع، وكان القادة الروس في بعض الأحيان، يقدمون تقارير كاذبة خوفًا على حياتهم المهنية”.
وتطرق المقاتل الروسي في كتابه إلى “قاعدة حميميم” العسكرية وقال إن “الرفاهية الموجودة في قاعدة حميميم تم تمويلها من قبل دافعي الضرائب في روسيا”، معربا عن دهشته من الوضع داخل القاعدة وأضاف أن، ولجنود الروس نظيفون، مهندمون، وجرت تغذيتهم بشكل جيد جدا، وكانت الوحدات السكنية تحتوي على تكييف هواء ومنشآت رياضية ودشات ومقاهي، ولم يكن بإمكاني أن أحلم بمثل هذه الظروف”، مضيفا أن “المظليين ومشاة البحرية الروس أصبحوا عبارة عن كتلة عظام مكسوة بالدهون”.
وتحدث المقاتل الروسي عن تفاصيل موسعة تتعلق بتخفيض الدعم العسكري المقدم لهم من السلطات الروسية، مشيرا إلى أن الأسلحة التي كانت تصل إليهم منخفضة الجودة، إضافة إلى امتلاء مستشفيات روسيا و”حميميم” بمقاتلي “فاغنر”، مشيرا إلى الانتقادات التي وجهها للقوات الروسية خاصة عندما تعرضت وحدته للقصف من قبل الطيران الروسي مرتين وأصابت العديد من أفراد “فاغنر”، الذين كانوا قبل لحظات على الجبهات بوجه العدو، وفق وصفه.
وذكر أيضا كيف أن قتلى “فاغنر” كانوا لا يحظون بأي اهتمام من قبل الروس عند مقتلهم، إذ يحق لهم استخدام الثلاجات فقط، وكان لا بد من نقلهم إلى المستشفى في اللاذقية، حتى يتمكن السوريون من غسلهم بخرطوم، ووضعهم في توابيت من الزنك قديمة أو بالية، ثم في صناديق من الخشب، مشيرا إلى أن روسيا كانت تتحفظ على أعداد القتلى، مستذكرًا من سقطوا في تشيكوسلوفاكيا عام 1968 وأفغانستان، فحتى أقاربهم لم يكونوا يعلمون بمقتلهم كي يقيموا مراسم الدفن، وفق وصفه أيضا.
وحسب الموقع الروسي الذي كشف التفاصيل، فإن مذكرات المقاتل الروسي كان من المقرر نشرها في عام 2022، ظنًا منه أن السلطة الحاكمة ستنتهي ولايتها في تلك الفترة، إلا أن تغيير الدستور في روسيا حال دون ذلك، إذ سيحق لبوتين البقاء في السلطة حتى عام 2032.
وحاولت صحيفة “ميدوزا” التواصل مع دار النشر “نايمنيك” المتعاقد معها لنشر كتاب المقاتل الروسي للحصول على نسخة من الكتاب، إلا أنها اعتذرت بعد قرار إلغاء النشر.
وذكرت مصادر وتقارير متطابقة، أنه على الرغم من أنّ الكتاب لم يبصر النور، فإن الفقرات المسربة منه على الموقع الروسي تعدّ وثيقة مهمة، خصوصاً أنّ تحقيقات الموقع أثبتت مشاركة المقاتل الروسي في القتال في سوريا، وحصلت على صور منه شخصياً وشهادات من أشخاص شاركوا في العمليات العسكرية في تدمر ودير الزور وأكدوا وجود المقاتل الروسي هناك، الذي نشرت له صور على عدد من مواقع التواصل الاجتماعي سابقاً.