بعد إعلان تنظيم “داعش” ما يسمى بـ “الخلافة الإسلامية” في المناطق التي سيطر عليها في سوريا والعراق عام 2014، عملت ماكيناته الإعلامية وعبر إصدارات سينمائية على تصوير الحياة في هذه المناطق بأنها وفقا “للشريعة الإسلامية” على حد وصفه.
الأمر الذي أدى إلى قدوم عدد كبير من العائلات والأفراد الذين تأثروا بهذه الدعاية من مختلف دول العالم، إلى مناطق سيطرة تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من عائلات عناصر “داعش” المحليين والذين انتسبوا الى التنظيم إبان سيطرته على هذه المناطق.
حيث عمد تنظيم داعش على تزويج عناصره من النساء المحليات وأيضا من النساء اللاتي قدمن وحدهن من بلدانهم إلى مناطق سيطرة “داعش” في سوريا والعراق.
“أم محمد” زوجة لأحد قتلى التنظيم، تقول لمنصة SY24، ” كنت متزوجة من أبو محمد قبل دخول داعش إلى دير الزور، وبقيت معه بعد أن بايع التنظيم إلى أن قتل في معركة حويجة صكر”.
وأضافت أم محمد” قائلة: “تغير زوجي كثيرا بعد انضمامه لداعش وأجبرنا جميعنا على ارتداء النقاب، بالإضافة إلى أنه يقوم بتصوير ولدي محمد مع السلاح”، مشيرة إلى أنها “عانت كثيرا لجعل ابنها ينسى ما كان يتعلمه من والده وخصوصا أنها خرجت من مناطق داعش بعد مقتل زوجها مباشرة”.
وانتشرت ظاهرة تزويج النساء المحليات لعناصر التنظيم وخصوصا القياديين الأجانب، وذلك للتقرب منهم على الرغم من أن بعض النساء لا يعرفن أسماء أزواجهن ولا أي شيء عنهم، في حين كان الفقر أحد أبرز أسباب الزواج من عناصر “داعش” الذين كانوا يتلقون رواتب عالية وامتيازات في المواد الإغاثية، والتي كان يقدمها التنظيم لعائلات عناصره المتزوجين فقط.
في حين تعرضت الكثير من نساء قتلى التنظيم إلى الضغط من قبل “الحسبة النسائية” التي كان يقودها نساء أجنبيات غالبيتهن من الجنسية التونسية أو المغربية، حيث يقمنَ بتزويج أرامل التنظيم بعد انتهاء العدة الشرعية مباشرة دون الرجوع إلى أهاليهم.
“سمر” وهو اسم مستعار لإحدى النساء اللواتي تم تزويجهن من أحد عناصر “داعش” قالت لـ SY24، “كنت معتقلة لدى فرع أمن الدولة في دمشق وخرجت بموجب صفقة لتبادل الأسرى تمت بين نظام الأسد وداعش إلى مدينة البوكمال عندها فوجئت بأنني متزوجة”.
وأضافت “قام التنظيم بتزويجي من عنصر لديه رغم أنني لم أكن موافقة وقام بحبسي داخل منزلي وتعرضت للضرب بشكل مستمر كما لو أنني ما زلت معتقلة”.
وأشارت إلى أن زوجها قتل في إحدى غارات التحالف وبقيت حبيسة المنزل بعد طلب التنظيم منها البقاء هناك لتزويجها لمسؤول الحسبة في البوكمال، إلا أنها استطاعت الهرب بمساعدة عائلة محلية إلى خارج مناطق سيطرة “داعش”.
وتعليقا على ذلك قالت الصحفية المختصة في التنمية البشرية “رنا جاموس” لـ SY24، إن “معظم النساء المنضمات إلى داعش أو اللاتي تزوجن من عناصر التنظيم تتراوح أعمارهن بين 19 -23 عاما، وهذه الفئة العمرية يسهل أدلجتها وبرمجتها بشكل كبير”.
وأضافت أن “الكثير من هؤلاء الفتيات والنساء تعرضن لغسيل أدمغة، وبالتأكيد فإن المجتمعات في الداخل السوري أو الخارج سوف تتوخى الحذر في التعامل معهن ومع أطفالهن”.
وتابعت أنه “لا ذنب للكثير منهن فقد كانت البيئة المحيطة تجبرهن على الزواج من عناصر التنظيم، ويجب أن يتم التعامل معهن بشكل طبيعي وخصوصا بعد إعادة تأهيلهن”.
وعن أسباب انضمام النساء إلى “داعش”، أشارت إلى أن “النساء في المجتمعات البسيطة يسهل إقناعهن أكثر من الرجل، في حين سعت بعضهن إلى تجربة جديدة بحسب الدعاية التي صورها التنظيم لهن، بالإضافة إلى أن بعضهن أجبرن على الزواج بعد ضغط من الأب أو الأخ المنتسبين لداعش”.
وعمد تنظيم “داعش” إلى ضم أطفال عناصره إلى التنظيم، وذلك بهدف استخدامهم كمقاتلين مستقبليين عن طريق عرض إصداراته على هؤلاء الأطفال بهدف إقناعهم بالانضمام إليه.
وقام التنظيم سابقا بإنشاء معسكرات تدريبية لهؤلاء الأطفال وقام بتدريبهم على استخدام السلاح، بالإضافة إلى ترسيخ بعض الأفكار الخاطئة عن الإسلام والجهاد في عقولهم مما أدى إلى انضمام قسم كبير منهم إلى داعش.
وعمل على استخدام أطفال عناصره الأجانب في أكثر من إصدار نشرته المعرفات الخاصة به، حيث ظهر في إحدى هذه الإصدارات بعض الأطفال وهم يقومون بإعدام أسرى من جيش النظام السوري رميا بالرصاص وذبحا بالسكاكين.
ومازال بعض هؤلاء الأطفال يحملون في داخلهم أفكار التنظيم المتطرف مما شكل عبئا كبيرا على المنظمات المعنية بإعادة تأهيل أطفال داعش، بالإضافة إلى ترسيخ بعض الأفكار من قبل بعض الأمهات اللاتي مازلن يحملن فكر “داعش”.
وفي هذا الجانب أشارت الصحفية “رنا جاموس” إلى أنه “يجب عرض هؤلاء الأطفال على مختصين نفسيين في مجال التنويم المغناطيسي، ومحاولة التخلص من المخاوف عبر تغيير ما تم تخزينه في اللاوعي لدى الأطفال”.