ظهرت الأطماع الإيرانية والروسية بالثروات الباطنية في سوريا بشكل واضح عن طريق فرض سيطرتها على المناطق الغنية بالنفط الخام والفوسفات والمناطق الحيوية وذلك عبر الميليشيات التي تتبع لها على الأرض، متجاهلة الأزمات والكوارث التي يعاني منها السكان في المناطق التي يسيطر عليها حليفها “بشار الأسد” رأس النظام السوري.
حيث عمدت هذه القوى المتحالفة مع النظام على فرض سيطرتها على عدة حقول وآبار للنفط في دير الزور بعد اندحار تنظيم داعش عنها في أواخر عام 2017 في حين بقيت سيطرة النظام مقتصرة على بعض الحقول النفطية.
وبحسب مصادر محلية، فإن النظام السوري استطاع الاحتفاظ بحقلي “الخراطة والمهش” الواقعين بالقرب من اللواء 137 غرب مدينة دير الزور، وبقيت هذه الآبار تعمل بشكل منتظم طوال فترة المعارك التي شهدتها المنطقة منذ 2012.
ويقوم النظام باستخراج النفط من هذين الحقلين ليتم نقله إلى بانياس أو حمص حيث يقدر إنتاج النفط في حقلي “الخراطة والهمش” بحوالي 2000 برميل نفط يوميا.
في حين استطاعت القوات الروسية فرض سيطرتها على حقل التيم الواقع على بعد 10 كم من مدينة “موحسن” في ريف مدينة دير الزور الشرقي، وأقامت هناك نقطة عسكرية تابعة لها حيث يقوم عناصر من ميليشيا لميليشيا “الفيلق الخامس” بحراسة الحقل.
وحصلت منصة SY24 على صور خاصة من داخل حقل التيم تظهر فيها عمليات الصيانة، بالإضافة إلى عمليات استخراج النفط وصور للحفارات التي تعمل داخل الحقل.
بينما عمدت القوات الروسية في وقت سابق من هذا العام على طرد عناصر من الأمن العسكري التابع للنظام من حقل “الورد” الواقع قرب قرية “الدوير” في ريف دير الزور الشرقي.
حيث أدخلت القوات الروسية إلى الحقل عدة آليات عسكرية برفقة 20 عسكري روسي وقامت برفع سواتر ترابية حوله، في حين تولى عناصر محليين يتبعون لميليشيا “لواء القدس” الفلسطيني مهمة حماية الحقل وحراسته.
وذكر مراسلنا في دير الزور، أن “ميليشيا حزب الله اللبناني فرضت سيطرتها على محطة T2 الواقعة قرب الحدود السورية العراقية والتي تبعد مسافة 70 كلم غرب مدينة البوكمال”، موضحا أن “هذه المحطة هي نقطة الوصل بين محطة T1 الموجودة في العراق وبين المحطات T3,T4,T5 داخل الأراضي السورية، حيث يتم نقل النفط من العراق عبر الأنابيب التي تمر بهذه المحطات إلى مرفأ طرطوس”.
بينما عمدت الميلشيات الإيرانية الموجودة في البوكمال على فرض سيطرتها على الآبار النفطية الواقعة في تلك المنطقة، والتي يعتقد بأنها عصب الإنتاج النفطي للنظام بعد فقدانه السيطرة على الحقول النفطية الكبرى كحقلي “العمر وكونيكو” والتي سيطرت عليها “قسد” في شرق الفرات.
وقال المراسل إن “ميليشيا الحرس الثوري الإيراني تسيطر بشكل كامل على آبار الحمار والحسيان والرتكة في ريف البوكمال، تكلف ميليشيا الفوج 47 التابع للحرس الثوري الإيراني بمهمة حراسة الحقل وتسهيل حركة الشاحنات التي تنقل النفط”.
وأكدت مصادر خاصة من داخل الحقل لمنصة SY24، أن “العائدات المالية لهذه الآبار يتم تسليمها الى المدعوحاج عسكر، المسؤول البارز في ميليشيا الحرس الثوري الإيراني”، مشيرا إلى أن “المدعو أبو عيسى قائد ميليشيا الفوج 47، يحصل على نسبة 5 بالمئة من النفط الخام، ويقوم ببيعه في السوق المحلية”.
ووفقا لمراسلنا، فإن “الميليشيا ذاتها مسؤولة عن حماية آبار الصالحية والغبرة والسيال في ريف البوكمال والتي يسيطر عليها الحرس الثوري أيضا، وتعتبر من أكبر الآبار النفطية في المنطقة، حيث يتم نقل النفط الخام المستخرج من هذه الآبار إلى العراق تحت حراسة مشددة من الميليشيات الإيرانية، في حين يتم نقل قسم قليل إلى حمص وبانياس في الداخل السوري”.
وكشف الباحث في معهد” الشرق الأوسط” في واشنطن، الدكتور “كرم الشعار”، عن أن “مناطق سيطرة النظام تحتاج 110 ألف برميل نفط يوميا”.
وقال “الشعار” في تصريحات خاصة لمنصة SY24، إن “حكومة النظام تستورد حوالي 70 ألف برميل نفط يوميا، وتستخرج 25 ألف برميل نفط يوميا من حقول البادية، في حين أنها تقوم بتهريب النفط المتبقي من مناطق سيطرة قسد”.
وفي السياق ذاته وافق مجلس الشعب التابع لنظام الأسد على توقيع عقد مع إيران للتنقيب عن النفط في “البلوك 12” في البوكمال، حيث برر وزير النفط في حكومة النظام “علي غانم” هذا الاتفاق بأنه يأتي ضمن “خطة استراتيجية للتنمية والتطوير” على حد تعبيره.
وأشار “الغانم” في حديثه أمام مجلس الشعب التابع للنظام، إلى أن هذا الاتفاق هو بمثابة “عقد نفطي لمصلحة سداد الدين الائتماني طويل الأجل مع إيران”.
وعن هذا الموضوع قال الدكتور “كرم الشعار” في حديثه مع منصة SY24، إن “إيران تقوم باستخراج النفط من منطقة البلوك رقم 12 في البوكمال، والذي كانت تستثمره حتى عام 2015 شركة سويوزنفت الروسية”.
وتابع قائلاً: “أستبعد أن يتجاوز إنتاج هذه الحقول في هذا البلوك حاجز الـ 5000 برميل نفط يوميا”.
وتتصدر واجهة الأحداث في سوريا طوابير المواطنين أمام محطات الوقود التي تنتظر الحصول على مخصصاتها من مواد الغاز والديزل والبنزين، في ظل تجاهل واضح من قبل روسيا وإيران لتلك الأزمات والكوارث التي كانت سببا في تدهور الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرة النظام.