استطاع تنظيم “داعش” إعادة ترتيب صفوفه وتجميع قواته في البادية السورية، بالرغم من إعلان قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية القضاء على التنظيم في سوريا.
وتتميز المنطقة الصحراوية التي ينتشر فيها “داعش” بصعوبة التضاريس والتي تجعل مهمة تتبع هذه الخلايا أمرا صعبا، بالإضافة إلى المساحة الواسعة والتي تقدر بحوالي 80 ألف كم مربع والتي أعطته القدرة على التحرك بسهولة.
في حين تواجه قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية والروسية المتواجدة في تلك المنطقة، صعوبة بالغة في التعامل مع عناصر “داعش” بسبب نقص عدد المقاتلين، بالإضافة إلى نقص الخبرة القتالية بالمقارنة مع عناصر التنظيم المتواجدين في البادية.
ويقدر عدد عناصر التنظيم في البادية السورية بحوالي 2000 مقاتل معظمهم من العناصر الذين انسحبوا من مخيم اليرموك في جنوب العاصمة دمشق في أوائل شهر أيار من عام 2018، بالإضافة إلى المقاتلين الذين خرجوا من مناطق غرب الفرات بعد إعلان النظام السوري والميليشيات الموالية لإيران وروسيا سيطرتهم على محافظة دير الزور في أواخر عام 2017.
واستطاع التنظيم توجيه ضربات نوعية إلى قوات النظام والميليشيات المتحالفة معه مما جعل الأسئلة تدور حول طبيعة التدريب الذي حصل عليه عناصر داعش في البادية السورية.
حيث قالت مصادر مطلعة، إن “عناصر داعش المتواجدين هناك هم بقايا قاطع البادية لدى التنظيم والذي كان يتمركز في المنطقة الواقعة بين بادية دير الزور عند منطقة الدفينة وجبل البشري، وصولا إلى بادية حمص في محيط السخنة وتدمر بالإضافة إلى بعض النقاط قرب جبال الصفا في بادية السويداء”.
ويضم قاطع البادية مقاتلين محليين من المناطق الواقعة في محيط البادية السورية من دير الزور والرقة وحمص وحماة، بالإضافة إلى عدد من المقاتلين السعوديين والكويتين واليمنيين الذين يمتلكون خبرة جيدة بالتعامل مع الصحراء.
في حين يضم هذا القاطع عناصر عراقية تتحرك عبر الحدود السورية العراقية لمعرفتها بالمنطقة، ويمتلك هؤلاء سلطة القرار حيث يتم التواصل بينهم وبين قيادة التنظيم في العراق بشكل مباشر.
ويتواجد في صفوف التنظيم بعض عائلات المقاتلين الذين خرجوا برفقتهم من مخيم اليرموك ومن بعض المناطق السورية الأخرى، في حين تحاول بعض عائلات التنظيم اللحاق بأزواجهم عبر مهربين يعملون مع الميليشيات المحلية التابعة للنظام في المنطقة.
وأشار الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد “فايز الأسمر”، إلى أن التنظيم يعتبر البادية السورية المسرح المفضل لعملياته على “مبدأ اهجم اقتل اغتنم وانسحب”.
وقال العقيد في حديثه لمنصة SY24، إن “داعش تعتمد على الإغارات الخاطفة مستهدفا تجمعات قوات النظام والميليشيات المتحالفة معه ثم يعمل على الإنسحاب تخوفا من أي ضربات جوية”.
وعمد التنظيم سابقا على تأمين مخازن للأسلحة والذخائر في مستودعات تحت الأرض أو في الكهوف الصغيرة التي أعدها سابقا إبان فترة سيطرته على المنطقة، في حين يقوم بتأمين بقية الدعم اللوجستي من الغنائم التي يحصل عليها عند مهاجمة نقاط قوات النظام.
ونوه العقيد “الأسمر”، إلى أن “التنظيم يعتمد أيضا على الأموال والذهب الموجودة لديه لتأمين الدعم اللوجستي والتموين عن طريق تجار السلاح من كافة الأطراف بما فيه النظام وميليشياته” على حد تعبيره.
بينما يعمل التنظيم على نشر إصدارات مرئية وصور لعملياته التي يقوم بها في البادية السورية عبر المعرفات الخاصة به، وذلك لجلب المزيد من العناصر، بالإضافة إلى قيامه بتأمين وصول لبعض عناصره الذين يعبرون نهر الفرات قادمين من مناطق سيطرة “قسد” عبر دفع رشاوي لقادة الميليشيات المحلية الذين يقومون بدورهم بنقلهم إلى البادية.
وأطلقت داعش دعاية إعلامية جديدة تحت مسمى “صحراء تحكم بشرع الله خير من ألف مدينة كافرة”، في إشارة منه إلى جميع مناصريه بضرورة الالتحاق بالتنظيم في البادية السورية على الرغم من عدم سيطرته على أي مدينة هناك.
وتابع العقيد “فايز الأسمر” حديثه مع منصة SY24، قائلاً: إن “التنظيم يمتلك من الخبرات القتالية لمقاتليه ما يؤهلهم للعمل في كافة الشروط والظروف القتالية واعتماد حرب العصابات والاستنزاف ضد أعدائه”.
واستبعد العقيد عودة داعش إلى نفس القوة التي كان يمتلكها في 2014 في “ظل الظروف الجديدة في المنطقة وأقلها ضمن المدى المنظور” على حد تعبيره.
يشار إلى أن تنظيم “داعش” كثف مؤخرا من هجماته ضد قوات النظام والميليشيات الإيرانية والروسية في البادية السورية، وكبدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد رغم الحملات العسكرية الي شنتها هذه القوات ضده في المنطقة.
في حين أكدت عدة إحصائيات، أن عدد عناصر النظام السوري الذين قتلوا في البادية السورية تجاوز 700 عنصرا منذ مطلع عام ،2018 في حين خسرت القوات الروسية عددا من العناصر والضباط، بينما يقدر عدد قتلى مقاتلي الميليشيات الإيرانية الذين قتلتهم داعش في البادية السورية بحوالي 150 عنصرا.