مازال الحصار الذي تفرضه “قسد” على مناطق سيطرة النظام في محافظة الحسكة قائماً، وذلك منذ قرابة خمسة أيام في تصعيد جديد بين الطرفين على الرغم من دعوات محلية ودولية للتهدئة.
حيث عمدت قوات “قسد” على فرض حصار شامل على مناطق النظام في الحسكة والمعروفة باسم “المربع الأمني” ومنعت إدخال السيارات والآليات إليها، في حين سمحت “قسد” بإدخال الطحين وبعض المواد الغذائية بعد يومين من الحصار.
هذا وأعلنت “قسد” عن تاريخ 20 كانون الثاني كمهلة أخيرة للنظام للانسحاب من جميع النقاط والمواقع التي يسيطر عليها في محافظة الحسكة، والتي تشمل المربع الأمني في الحسكة والمربع الأمني في القامشلي، بالإضافة إلى نقاط النظام في “جبل كوكب” شرق مدينة الحسكة.
ويأتي هذا الحصار في إطار سعي “الإدارة الذاتية” التي تسيطر على شمال شرق سوريا، للضغط على جميع الأطراف الدولية الفاعلة في المنطقة من أجل تحصيل ما يمكن تحصيله منها في سبيل ضمان بقائها.
وجاء هذا الحصار على خلفية اشتباكات اندلعت بين الطرفين على إثر قيام عناصر من جهاز “الأسايش” باعتقال بعض عناصر من المخابرات الجوية التابعة للنظام، لتقوم الأخيرة باعتقال عناصر لـ “قسد”، بالإضافة إلى بعض الموظفين المدنيين العاملين في الإدارة الذاتية.
في حين استمر الحصار الذي تفرضه قوات “الأسايش” على المربع الأمني الذي يقع في قلب مدينة القامشلي والذي يضم الأفرع الأمنية التابعة للنظام، بالإضافة إلى أحياء طي وعلكو العربية والتي تعتبر الحاضنة الرئيسية لميليشيا “الدفاع الوطني” التابعة للنظام.
وفي إطار السعي للتهدئة بين الأطراف المتنازعة في محافظة الحسكة أعلنت موسكو وعلى لسان “مسؤول مركز المراقبة الروسي السوري المشترك” الجنرال (ديمتري سونتسوف) عن إرسال 300 جندي للمنطقة وذلك من أجل “تعزيز مراكز المراقبة” على حد تعبيره.
وقال الجنرال “سونتسوف”: “وصلت وحداتنا إلى إحدى نقاط المراقبة المشتركة في محافظة الحسكة ومهمتها الرسمية هي المساهمة في تهدئة الصراع في المنطقة”.
وأضاف أن “قواتنا قواتنا بمراقبة الإلتزام بوقف إطلاق النار وتقديم جميع أنواع المساعدة للسكان المحليين”.
وسبق هذا التصريح عدة اجتماعات تمت بين قيادات من “قسد” وضباط من النظام السوري تحت رعاية القوات الروسية في مطار القامشلي، وذلك من أجل اطلاق سراح المعتقلين من الجانبين وإيقاف الحصار المفروض على مناطق النظام في المحافظة.
في حين خفف عضو الهيئة السياسية المعارضة في الحسكة، “مضر الأسعد” من أهمية التوتر الحاصل بين قوات “قسد” وقوات النظام، معتبرا أن هذه الخلافات “هامشية وصغيرة ولا تضر بمصالح الطرفين”.
وقال “الأسعد” في حديث خاص مع منصة SY24، إن “قوات قسد والنظام يتفقون على حصار الأهالي وتجويعهم وعلى اعتقال الشباب من أجل التجنيد الإجباري لكلى الطرفين”.
وأشار الأسعد إلى وجود تنسيق أمني بين الطرفين وذلك عبر قيام “قسد” بتسليم ما أسماه “المعارضين لمشروع الإدارة الذاتية والمطلوبين للنظام إن كانوا من العرب أو الكرد أو أي قومية اخرى” على حد تعبيره.
وفي السياق حشد النظام السوري مؤيديه بالإضافة إلى الموظفين في الدوائر الحكومية وعناصر من ميليشيا الدفاع الوطني، وذلك من أجل تنفيذ وقفة احتجاجية ضد ما أسموها “انتهاكات الميليشيات المرتهنة للاحتلال الأمريكي ضد الشعب السوري”.
في حين قال محافظ الحسكة التابع لحكومة النظام، اللواء “غسان خليل”، خلال الوقفة الاحتجاجية، إن “ما يمارس ضد الشعب السوري من المحتلين التركي والأمريكي هو جريمة بكل المعايير والمقاييس الإنسانية”.
وأشار اللواء المتهم بجرائم حرب والموضوع على قوائم العقوبات الأمريكية والأوربية، إلى أن ما أسماه “جيش سوريا الباسل لن يثنيه الجوع والحصار وسيستمر في تقديم البطولات على أرض الوطن” على حد زعمه.
يشار إلى أن محافظة الحسكة تقع ضمن مناطق سيطرة قوات “قسد” المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، في حين تسيطر قوات النظام على بعض الأحياء التي تقع في قلب مدينة الحسكة والمجاورة لمقرات الأفرع الأمنية بالإضافة إلى فوج (كوكب العسكري) شرق المدينة.
وبالمثل فإن الحكومة السورية تسيطر على المربع الأمني وسط مدينة القامشلي، بالإضافة إلى بعض الأحياء التي تقع ضمن سيطرة ميليشيا الدفاع الوطني، بينما تبسط روسيا سيطرتها على مطار القامشلي وذلك بعد طرد عناصر ميليشيا “حزب الله” اللبناني منه في أواخر عام 2018.
الجدير بالذكر أن مدينة القامشلي شهدت سابقا اشتباكات متقطعة بين ميليشيا الدفاع الوطني وعناصر من قوات “الأسايش” التابعة ل”قسد” سقط على إثرها عدد من القتلى والجرحى بين الطرفين.
بينما اندلعت مواجهات عنيفة على إثر دخول دورية تابعة للأمن العسكري إلى أحد الأحياء التي تسيطر عليها قوات “قسد” في القامشلي وقيامها بإطلاق النار على نقطة تفتيش تابعة لـ “الأسايش” في أيلول عام 2018.
وعمدت قوات النظام في 2016 على السيطرة على كلية الآداب ومشفى الأطفال بالقرب من (حي النشوة) داخل مدينة الحسكة، واندلع على إثرها اشتباكات عنيفة استمرت لأسابيع قبل انسحاب قوات النظام والعودة إلى نقاط تمركزها في المربع الأمني في قلب مدينة الحسكة.