بمناسبة مرور سبعة أعوام على اندلاع الثورة السورية، التي تحولت إلى إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، نشرت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية تحقيقا مفصلاً حول انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها النظام السوري على معارضيه، منذ عام 2011، في مقدمتها الاغتصاب، حيث تحول جسد المرأة كسلاح حرب ضد المعارضين، تماما كما كان الحال إبان نزاعات وحروب خلت.
وتصدر العنوان التالي عدد “ليبراسيون” الصادر اليوم: “الاغتصاب في سوريا، سلاح دولة”، في إشارة إلى أن النظام السوري يستخدم الاغتصاب والتحرش الجنسيين كسلاح حرب لإخضاع وترهيب معارضيه، وذلك حسب ما كشف مسؤولون وعملاء سابقون لدى النظام للصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن ملازم سابق منشق عن جيش النظام، كشفه عن قيام أفراد من قوات الأمن السورية بالاعتداء الجنسي على نساء معارضات أو أقارب لمعارضين، مشيرا إلى أن ضابطا في المخابرات العسكرية قال له ذات يوم: “هؤلاء الناس يجب أن يقتلوا.. يجب أن نغتصب النساء.. يجب أن نفعل كل شيء لإيقافهم”، وذلك عبر استراتيجية، تقوم على إذلال ومعاقبة، ولكن أيضا إرهاب السوريات، ومن خلالهن السوريين الذين تجرأوا على التمرد ضد النظام السوري.
وتابعت “ليبراسيون” انطلاقا من مجموعة شهادات، أن حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي هذه سمحت للنظام السوري بالوصول في بعض الحالات إلى أهدافه السياسية، وذلك عبر تخويف بعض الناس، وبالتالي توقفهم عن الذهاب إلى المظاهرات، والتخلي عن الثورة.
نحو 8 آلاف مغتصبة
كما أوضحت الصحيفة الفرنسية أن عشرات الشهادات المتطابقة للضحايا تشير إلى أن قوات النظام قد اغتصبت النساء، وكذلك الرجال، في جميع المحافظات تقريباً طوال النزاع السوري الذي يدخل عامه الثامن. فوفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن 7700 امرأة قد وقعن ضحية للاغتصاب والعنف الجنسي أو المضايقات من قبل القوات الموالية للنظام، بما في ذلك أكثر من 800 حالة في السجون.
وفي هذا الصدد، كشف تقرير أصدرته لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا المدعومة من الأمم المتحدة، يوم 14 من الشهر الحالي، قد كشف أن القوات الموالية للنظام السوري اعتقلت آلاف النساء والفتيات، في الفترة ما بين عامي 2011 ونهاية عام 2017، وهي الفترة التي غطّاها التقرير، الذي اتهمها أيضا باستخدام الاغتصاب والعنف الجنسي ضد المدنيين على شكل منهجي موسع يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
لكن التقرير اتهم في المقابل بعض فصائل المعارضة بارتكاب فظائع مماثلة وإن كانت بمعدلات أقل بكثير. كما أنه وثق حوادث عنف جنسي ضد الرجال أيضا في بعض الحالات.
وعلى نفس المنوال، كانت صحيفة “إندبندنت” البريطانية تحدثت أيضا، في تحقيق نشرته، منتصف أغسطس/ آب 2017، عن مجموعة شهادات وثقتها ووصفتها بالمرعبة لسجينات سابقات لدى النظام السوري، تقول إحداهن إنها تعرضت للاغتصاب من خمسة جنود، خلال فترة استجوابها.
حبوب الإجهاض وتصوير عمليات الاغتصاب
صحيفة “ليبراسيون” كشفت أيضاً أن حراس سجون النظام السوري كانوا يوزعون حبوبا للإجهاض على بعض السجينات، داخل أربعة مراكز احتجاز على الأقل في أنحاء البلاد في الفترة 2012-2013، وفقا لعدة شهادات، بينما وجدت بعض النساء المغتصبات اللائي لم تأخذن حبوب منع الحمل أنفسهن حوامل، على غرار مايا، التي اغتصبت ثلاث مرات ثم نُقلت في نهاية الأمر إلى مستشفى المزة العسكري، بعد نزيف مهبلي شديد.
وكان تلفزيون فرانس 2 الفرنسي، قد بثّ، في منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2017، تحقيقا صحفياً أعدته آنيك كوجان، الصحافية بجريدة “لوموند” الفرنسية، تحت عنوان: “سوريا… الصرخة المكتومة”، اعتمدت فيه على مجموعة شهادات، أدلت بها، لأول مرة، لاجئات سوريات في تركيا والأردن، بعد أن نجين من جحيم سجون نظام بشار الأسد.
وأكدت إحداهن أن النظام السوري كان عندما يشتبه في أن شخصا انضم إلى المعارضة المسلحة، يسارع إلى اعتقال زوجته أو بناته، على أن يقوم الأفراد الموالون له باغتصابهن، من أجل تحطيم أزواجهن أو آبائهن، وذلك عبر إرسال إليهم فيديوهات لعمليات اغتصاب نساءهم أو بناتهم.