بدأت عشر نساء فرنسيات إضرابا مفتوحا عن الطعام في مخيم (الهول)، مؤخراً، وذلك في محاولة منهن للضغط على حكومة بلادهن من أجل إخراجهن مع أطفالهن من المخيم الذي يعاني نقصا كبيرا في الخدمات الأساسية.
بينما ما زالت السلطات الفرنسية ترفض استقبال مواطنيها من مقاتلي داعش مع عائلاتهم، والمحتجزين في مخيمي (الهول وروج) في شمال شرق سوريا.
وبحسب البيان الذي نشره المحاميان (ماري دوزيه ولودفيك ريفيير) واللذان يقدمان المشورة لهؤلاء المعتقلات، فإن النساء “يشعرن بأنه ليس لديهم خيار سوى الامتناع عن الطعام، بعد سنوات من الانتظار وعدم وجود احتمال لإصدار حكم من قبل السلطات الفرنسية”.
وأضاف البيان الذي نشره المحاميان: “شرحت تلك النساء في رسائل صوتية إلى أقاربهن أنهن لم يعدن يحتملن مشاهدة أطفالهم يعانون، وأنهن يرغبن في تحمل مسؤوليتهن وأن يتم الحكم عليهم في فرنسا على مافعلنه”.
ويضم مخيم (الهول) الذي تديره “قوات سوريا الديمقراطية” الآلاف من النساء والأطفال بينهم 80 امرأة فرنسية مع 200 طفل، يعيشون ظروفا قاسية في ظل نقص كبير في الرعاية الصحية والتي تسببت بعدة وفيات بين الأطفال والنساء مؤخرا.
بينما يعاني مخيم (الهول) من سوء في الإدارة، في ظل ارتفاع موجة عمليات القتل والاغتيال التي تحدث غالبا في قسم النساء الأجنبيات، والتي يقف خلفها وبحسب مراقبين “جهاز الحسبة النسائي” التابع لتنظيم داعش في المخيم.
هذا وتباينت ردود الدول الأوربية تجاه قضية مواطنيها المحتجزين داخل مخيم (الهول) الذي تديره “قسد”، بين سحب جنسية مواطنيها الذين قاتلوا بصفوف تنظيم داعش مثل دولة الدنمارك، أو تفضيل محاكمتهم في سوريا مثل ما دعت إليه دولة بلجيكا.
وفي هذا السياق أشار الباحث والحقوقي السوري “ياسر العمر” إلى الانعكاسات التي قد تنشأ من المواقف الأوروبية تجاه قضية مواطنيها المحتجزين في مخيم الهول، والتي قد تؤدي إلى “إيجاد مبررات قانونية لبقية الدول من خارج الإتحاد الأوروبي، بهدف اتباع نفس الأسلوب الذي تتبعه الدول الأوروبية”.
وقال الباحث في حديثه لمنصة SY24: “كل هذا سيؤدي إلى نشوء حالة اجتماعية وقانونية معقدة، تتمثل بعدم تسجيل واقعات الزواج والأولاد النتاجين عنها عند مواطني الدول الأوربية المنتمين لداعش، مما يؤدي إلى وجود أعداد كبيرة من مكتومي القيد وعديمي الجنسية”.
وأضاف أنه “لو افترضنا وجود نية لإنشاء محكمة دولية لعناصر داعش الأجانب، فإن هذا سيصطدم بإشكالات قانونية وسياسية أهمها عدم وجود صفة قانونية للطرف الذي يحتجزهم”، في أشارة منه إلى قوات “قسد”.
وبحسب الإحصائيات الصادرة عن المفوضة السامية لحقوق الإنسان (ميشيل باشيليت)، فإن هذه المخيمات تضم الآلاف من النساء والأطفال المحتجزين في ظروف “غير إنسانية”، مما يعرضهم إلى “العنف والاستغلال والحرمان من حقوقهم”.
بينما ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر العاملة في مخيم (الهول) شمال شرق سوريا، أن الأطفال داخل المخيم يعانون “أمراضا تتعلق بسوء التغذية والجهاز التنفسي وخصوصا في فصل الشتاء”.
في حين دعت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى اعتبار الأطفال الموجودين في المخيم ومن بينهم الأطفال المجندين في صفوف داعش “ضحايا حرب”، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس.
هذا وتعتمد باريس منذ بداية أزمة مواطنيها المحتجزين في مخيم (الهول) سياسة كل “حالة على حدة”، حيث عمدت سابقا إلى إعادة حوالي 35 طفل إلى فرنسا غالبيتهم من الأيتام.
وفي بداية شباط الجاري أعلنت المواطنة الفرنسية (باكسال ديكامب) إضرابها المفتوح عن الطعام، في محاولة منها الضغط على الحكومة الفرنسية من أجل إعادة إبنتها (32عام)، المصابة بالسرطان مع أطفالها الأربعة والمحتجزين في مخيم (الهول) شمال شرق سوريا.
والجدير بالذكر أن مخيم (الهول) الذي يقع ضمن مناطق سيطرة قوات “قسد”، يضم آلاف المحتجزين من عناصر تنظيم داعش والذين تم إلقاء القبض عليهم بعد هزيمة التنظيم أمام قوات “قسد” وقوات التحالف الدولي، بالإضافة إلى آلاف الأطفال والنساء من عوائل عناصر تنظيم داعش.