لم تقتصر معاناة أهالي مدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة النظام السوري على الحالة الاقتصادية السيئة التي يعانون منها، بل تعداها إلى مشاكل اجتماعية أخرى بدأت تظهر تباعاً مع استمرار عمليات القتل والاعتقال التي تقوم بها قوات النظام السوري منذ انطلاق الثورة السورية قبل 10 سنوات.
وتعد مشكلة انخفاض نسبة الزواج والعزوف عنه إحدى أهم هذه المشاكل الإجتماعية التي يواجهها الأهالي في المدينة، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في عدد الأرامل والمطلقات، مما ينذر بمشاكل اجتماعية ونفسية كبيرة وخصوصاً عند الفتيات.
وبحسب مصادر محلية، فإن الظاهرة التي يطلق عليها المجتمع المحلي مصطلح “العنوسة” باتت موجودة بشكل كبير وملموس في معظم العائلات داخل مدينة دير الزور.
حيث انعكست هذه الظاهرة سلباً على الحياة الاجتماعية في المدينة، بسبب عدة عوامل لعل أهمها هرب الشباب من مناطق سيطرة النظام السوري في دير الزور، بعد ازدياد حملات الاعتقال التي تشنها أجهزة النظام الأمنية بغرض سوق الشباب إلى الخدمة الإجبارية.
وقال الطالب الجامعي “عمر” في حديث خاص مع منصة SY24، إنه يدرس اقتصاد في جامعة الفرات في دير الزور، ولكنه متأكد أنه سيغادر البلاد بعد إنهاء دراسته.
وأضاف أن “البقاء هنا يعني الذهاب للخدمة الإجبارية وهو أمر قد يؤدي إلى إضاعة عمري، ولهذا الحل الوحيد هو الهجرة للخارج أسوة ببقية شباب المدينة”.
وأشار إلى أن “الزواج في مناطق سيطرة النظام بدير الزور، أصبح أمراً صعباً للغاية، بسبب انتشار ظاهرة البطالة وارتفاع المهور التي يطلبها الأهالي، بالإضافة إلى المشاكل الأخرى المتعلقة بالوضع الإقتصادي والأمني وعدم توفر الخدمات وغيرها”.
ووفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن المؤسسات التابعة لحكومة النظام السوري، فإن نسبة الفتيات غير المتزوجات في مناطق سيطرة النظام السوري ارتفعت إلى أكثر من 70 بالمئة، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الأرامل والمطلقات.
وعزت هذه البيانات سبب انتشار تلك الظاهرة في مناطق سيطرة النظام إلى عدم قدرة الشباب على تأمين تكاليف الزواج التي ارتفعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، في ظل أزمة اقتصادية كبيرة يعيشها المواطنون في مناطق سيطرة النظام السوري.
وقالت الآنسة “فرح” البالغة من العمر 32 عاماً، في حديث مع منصة SY24: “كنت مخطوبة لأحد شباب المدينة ولكنه اعتقل في بداية الثورة، وانتظرت عدة سنوات قبل أن أعلم أنه استشهد تحت التعذيب في سجون النظام”.
وأضافت أن “هناك حالات كثيرة تشبه حالتي وإلى الآن مازالت بعض الفتيات والسيدات ينتظرن أزواجهم القابعين في سجون النظام، ولا يعلمن إن كانوا أحياء أم أموات”.
بينما أشارت إحدى السيدات إلى أنها تسعى لتزويج بناتها إلى خارج سوريا، في محاولة منها لتأمين حياة أفضل من الحياة التي يعيشونها في المدينة، التي تعاني أزمات اقتصادية وخدمية وصحية كبيرة في ظل سيطرة النظام السوري عليها.