كعادته أبى بشار الأسد أن يفوت على نفسه فرصة استثمار تقدم قواته في الغوطة الشرقية للظهور بصورة المنتصر ومحاولة خلق بروباغندا إعلامية لنفسه على الأقل في أوساط مواليه، وعلى الرغم من أن كافة فيديوهات الأسد السابقة كانت مليئة بالحماقات الإخراجية والتنفيذية، إلا أن الفيديو الحالي رغم ذلك تجاوز كافة الفيديوهات السابقة في فشله الإخراجي الذي كشف عن الكثير من الأمور وأولها حقيقة الدور الروسي في سوريا، وإضافة مهمة جديدة للقوات الروسية العاملة هناك.
ما كان ملاحظاً في فيديو طريق الأسد إلى الغوطة الشرقية اقتصار حمل السلاح الفردي على الجنود الروس الذين ظهروا في الفيديو في الوقت الذي كان فيه معظم عناصر النظام عزل من السلاح، وهم الذين من المفترض أنهم يقفون على واحدة من أسخن جبهات سوريا، ما يطرح تساؤلاً كبيراً حول الدور الذي تقوم به القوات الروسية، لاسيما وأن باقي الفيديوهات القادمة من جبهة النظام في الغوطة الشرقية أظهرت تولي روسيا مسؤولية حماية قادة النظام العسكريين ومن بينهم العميد سهيل الحسن.
يبدو أن مهمة الروس اليوم لم تعد تنحصر بحماية النظام من دخول قوات الثوار إلى العاصمة دمشق وإنما حمايته من اندلاع صراعات داخلية قد تهدد بنيته الداخلية لا سيما إن امتدت هذه الصراعات لتشمل عمليات اغتيال، خاصةً في ظل مقتل الكثير من قادة النظام العسكريين في ظروف غامضة، تلك العمليات التي كانت كفيلة بالكشف عن حالة التوتر بين أركان النظام ومنظومته الأمنية الذين يبدو أنهم انقسموا على أنفسهم.
ما يتضح أيضاً من الصور والفيديوهات أن الروس أنفسهم يعيشون اليوم حالة قلق من انهيارات داخلية في النظام بسبب تفاقم حالات الصراع على السلطة بالتزامن مع تقدم قوات النظام في الكثير من الجبهات، هذا التقدم الذي يبدو أنه أثار شهية قادة النظام للسلطة لا سيما مع سعي إيران لتثبيت موقعها داخل النظام بتقوية الجناح الموالي لها، خاصةً بعد تراجع دور ميليشياتها على الأرض، وتصفية عدد من القادة المواليين لها وتحديداً العميد عصام زهر الدين.
ما يمكن قوله أيضا إن القوات الروسية حالياً باتت تحاول أن تكون بمثابة قوات حفظ سلام بين أركان النظام، بالإضافة إلى رغبتها الإمساك بخيوط اللعبة من خلال تولية جنودها مهمة حماية الشخصيات الفاعلة داخل النظام، ما يعني أن حياة تلك الشخصيات باتت مرهونة بالقرار الروسي، ولولا ذلك لكان من الممكن أن نشهد الكثير من الجنازات العسكرية للعديد من الشخصيات العسكرية وعلى رأسها النمر ومجموعته التي باتت تنافس ماهر الأسد وفرقته الرابعة بالإضافة لبشار الأسد وحرسه الجمهوري.