ساهمت حالة الغلاء التي يعاني منها السكان في مدينة ديرالزور، الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري وحلفائه من الميليشيات الإيرانية والروسية، في اعتماد المواطنين على الحوالات المالية التي تصلهم من أقاربهم وذويهم المقيمين في بلاد اللجوء.
ويأتي اعتماد الأهالي على هذه الحوالات المالية، في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار جميع المواد الغذائية والألبسة والسلع المختلفة، بالتوازي مع انخفاض الرواتب والأجور التي لا تتجاوز حاجز الـ 20 دولار.
وكحال طوابير الخبز والمحروقات، بات منظر الطابور الطويل الذي يضطر فيه الأهالي للانتظار لعدة ساعات أمام مراكز استلام الحوالات من أجل استلام حوالاتهم المالية، وذلك بعد قيام قوات النظام بإغلاق عدد كبير من المكاتب في المدينة.
ويوجد في مدينة ديرالزور مكتبان وحيدان للحوالات الخارجية يعتمد عليها الأهالي في تلقي الأموال من ذويهم وأقاربهم المقيمين في الخارج، مع إجبارهم على استلام هذه الحوالات بالليرة السورية وبسعر صرف البنك السوري المركزي التابع للنظام.
حيث تفقد الحوالة المالية الخارجية أكثر من 30 بالمئة من قيمتها الحقيقية على الرغم من قيام النظام من تعديل قيمة صرف الحوالات الخارجية والمصرفية لتصل إلى 2500 ليرة، بعدما كانت تبلغ حوالي 1250 ليرة سورية للدولار الواحد.
في حين يصل سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد في السوق السوداء إلى حوالي 3150 ليرة سورية للدولار الواحد، وهذا الأمر دفع النظام إلى مداهمة بعض مراكز الصرافة الغير مرخصة واعتقال بعض الموظفين.
وأشار مواطن يدعى “أحمد” إلى أن أغلب الأهالي في المدينة لا يعتمدون على رواتبهم الشهرية التي يتقاضونها من المؤسسات الحكومية أو من وظائفهم العادية، “كون الأجور الشهرية أصبحت لاتكفي لشراء المستلزمات الضرورية لهم”.
وقال المواطن في حديث خاص مع منصة SY24، إنه ينتظر في كل شهر وصول الأموال من أولاده المقيمين في ألمانيا، كونه راتبه التقاعدي لا يتعدى 25 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل ثمن كيلو واحد من اللحمة.
وذكر أن “الأسواق المحلية في مدينة دير الزور تزدهر بشكل جيد خلال الأيام الأولى من الشهر على الرغم من الغلاء الفاحش، ولهذا نرى معظم العائلات في المدينة تسعى إلى إرسال أبنائها للخارج”.
وأضاف “كنا سابقاً نستلم الحوالة المالية بسعر قريب جداً من سعر صرف الليرة الحقيقي، ولكن قوات النظام أغلقت معظم المكاتب وأجبرت البقية على تسليم الحوالات بسعر صرف البنك المركزي”.
وفي السياق، ذكرت مصادر محلية، أن “قوات النظام قامت باعتقال بعض المواطنين للتحقيق معهم عقب استلامهم حوالات مالية من الخارج، بحجة أن المبالغ التي استلموها كبيرة”.
في حين تستمر الأفرع الأمنية التابعة للنظام بمراقبة مراكز الصرافة الموجودة ضمن مناطق سيطرتها، حيث تقوم وبشكل يومي بطلب لوائح المواطنين الذين تصلهم الحوالات المالية من الخارج للتدقيق فيها قبل أن يتم صرفها لهم.
وكغيرها من المدن السورية، تشهد مدينة ديرالزور ارتفاعاً كبيراً في أسعار جميع المواد الغذائية والسلع الضرورية وإيجارات المنازل، بالتزامن مع ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وانخفاض قيمة الرواتب مقارنة بهذه الأسعار.
ويعيش في مدينة ديرالزور حوالي ربع مليون نسمة، بعد تهجير أكثر من نصف سكانها، عقب سيطرة قوات النظام على الأحياء التي كانت خارج سيطرتها في أواخر عام 2017.