تشهد مناطق سيطرة نظام الأسد والميليشيات الإيرانية والمحلية الموالية له في مدينة ديرالزور، ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الأطفال الذين يعملون في السوق المحلية، في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها سكان المدينة.
ومع انتهاء العام الدراسي وبدء العطلة الرسمية للمدارس في المدينة، توجه معظم الأطفال إلى سوق العمل بهدف إعالة عائلاتهم وتقديم بعض المساعدة المالية لهم، على الرغم من الانخفاض الكبير في معدلات الأجور التي يتقاضونها.
مصادر محلية أكدت لمنصة SY24، أن الورشات الصناعية في مدينة ديرالزور استقبلت عدداً كبيراً من الأطفال الراغبين بالعمل، حيث باشروا العمل فيها على الرغم من المخاطر الكبيرة التي قد يتعرضون لها، بسبب “خطورة العمل في هذه الورشات”.
وأضافت المصادر، أن الأطفال اتجهوا للعمل في (ميكانيك السيارات، والتشحيم، وكذلك في الحدادة واللحام)، في حين اتجه عدد آخر للعمل في جمع الحديد ومخلفات الأبنية المهدمة لصالح هذه الورشات مقابل أجور زهيدة جداً.
أبو محمد (58 سنة)، وهو صاحب ورشة حدادة في حي الجورة بديرالزور، أشار إلى أنه قام بتوظيف “طفلين دون سن 14 عاماً، مقابل أجر زهيد نسبياً مقارنةً بالأجور التي يتقاضاها العاملون الأكبر سناً”، على حد قوله.
وقال في حديثه مع منصة SY24، إن “عائلات الأطفال العاملين لدي في الورشة يعانون من فقر متقع، ولذلك قمت بتشغيل أبنائهم لدي في محاولة مني لمساعدتهم على إعالة ذويهم، على الرغم من أن الأجر ليس كثيراً”.
وأضاف أن “المدينة تعاني من وضع اقتصادي سيء والعائلات الفقيرة لا تملك خياراً سوى إرسال أبنائها للعمل، وخصوصاً تلك التي فقدت معيلها في الحرب، ولأننا أبناء مدينة واحدة فمن واجبنا مساعدة بعضنا البعض”.
وتختلف قيمة الأجور التي يتقاضاها الأطفال العاملين في مدينة ديرالزور بحسب “طبيعة العمل الذي يمارسونه”، إذ تراوحت قيمة الأجر بين (10 و 25 ألف ليرة سورية) في الشهر الواحد لكل طفل.
وترتفع نسبة الخطورة في الأعمال التي يمارسها هؤلاء الأطفال “كلما زاد الأجر”، حيث تعرض عدد كبير من الأطفال إلى إصابات خطيرة أثناء ممارستهم أعمالاً شاقة وصعبة غير مخصصة لهم.
“أم يوسف” التي قتل زوجها في غارة للطيران الروسي على حي الحميدية عام 2016، ذكرت أنها اضطرت لإرسال ابنها لسوق العمل فور انتهاء العام الدراسي، وذلك بغرض “مساعدة العائلة التي تعاني من فقر شديد”.
وقالت السيدة في حديثها مع منصة SY24: “قبيل انتهاء العام الدراسي بعدة أيام قمت بالبحث عن عمل لابني يوسف، الذي لم يتجاوز 12 سنة، وذلك لأننا بحاجة المال”.
وأضافت أن “حالنا كحال معظم عائلات المدينة، فالفقر والحاجة يدفعنا لتشغيل أولادنا ولأننا لا نريد إخراجهم من المدرسة، فإن العمل في فصل الصيف هو الحل الوحيد لإدخال المزيد من الأموال إلى المنزل”.
وفي سياق متصل، مازال سوق العمل في مدينة ديرالزور، الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات المحلية والإيرانية والموالية له، مازال يشهد تزايداً في عدد الأطفال العاملين، وتسرب عدد كبير منهم من المدارس، بغرض مساعدة عائلاتهم التي تعاني من ظروف اقتصادية سيئة.
في حين تستغل الميليشيات المتواجدة في المدينة، حالة الفقر التي يعاني منها الأهالي، وذلك باستقطاب هؤلاء الأطفال إلى جانبها عن طريق توزيع “مساعدات غذائية ورواتب شهرية لهم”، مقابل دخولهم في “دورات تعليمية ضمن المراكز الثقافية والدينية التابعة للميليشيات الإيرانية المنتشرة في المدينة”.
في حين عمدت هذه الميليشيات، في وقت سابق من هذا العام، على توزيع رواتب شهرية لبعض الأطفال مقابل تلقيهم دروساً في (المذهب الشيعي)، خلال احتفالية أقامها المركز الثقافي الإيراني في الحديقة المركزية وسط المدينة، في شهر رمضان الفائت.
بينما عمدت ميليشيا الحرس الثوري الإيراني على إدخال عدد من الأطفال دون سن 15 سنة، إلى معسكرات مغلقة تابعة لمنظمة “كشافة المهدي”، بغرض “تدريبهم على القتال وتلقينهم دروساً في المذهب الشيعي”.