كشف الائتلاف الوطني السوري عن وثائق ومستندات تم الاستحواذ عليها من مؤسسات النظام السوري الرسمية، والتي تفضح جرائم النظام وقواته المرتكبة بحق المتظاهرين والمعتقلين المعارضين له منذ اندلاع الثورة السورية، وعلى رأسها دفنهم في مقابر جماعية بعد ممارسة أشد أنواع التعذيب عليهم داخل المستشفيات التابعة له.
وأشار الائتلاف، حسب ما وصل لمنصة SY24 بشل خاص، إلى أن هذه المستندات الخاصة تفسر آليات تورط المؤسسات المدنية مع العسكرية والأمنية بالإشتراك بالجريمة من خلال “الفحص الطبي، والدفن الجماعي”.
وتشير الوثائق إلى “مستشفى عبد القادر شقفة” في حي الوعر داخل مدينة حمص أو ما يعرف باسم “المستشفى العسكري”، الذي كانت تتم خلف جدرانه أبشع أنواع التعذيب والتصفية بحق الجرحى والمصابين في المظاهرات السلمية، مبينة أنه “تحوّل إلى مسلخ بشري”.
وأوضحت الوثائق أنه كان يتم تحويل معظم المصابين في المظاهرات إلى هذا “المسلخ” بحسب أوامر من النظام السوري، ليتعرضوا إلى “تعذيب سادي” من قبل الأطباء والكوادر الطبية هناك حتى يفارقوا الحياة، ومن ثم يتم أخذ الجثث لدفنها بطريقة سرية في مقابر جماعية.
وتثبت الوثائق، حسب الائتلاف، وبالدليل القاطع أدلة جديدة على جرائم الإبادة الجماعية من قبل قوات النظام.
وأكد الائتلاف أن “جميع ما سبق ذكره هو عبارة عن جرائم موثقة بالأدلة والوثائق الرسمية الممهورة بأختام رسمية وصلت مؤخرا من شخص كان شاهد ومنفذ لجزء يتعلق باستلام ونقل الجثث بحكم عمله، على الكثير من الممارسات اللاإنسانية والعنصرية والطائفية من قبل عناصر في المستشفى ومنهم مديرها والقيادة السياسية والأمنية في محافظة حمص، مما جعله يستحوذ على مجموعة من الوثائق يبلغ عددها أكثر من 300 وثيقة عائدة للطب الشرعي التابع للنظام تعود للعامين 2012 و2013، ومن بينها إرساليات من المستشفى العسكري في حي الوعر إلى مقبرة “تل النصر” لدفن الآلاف من الجثث في مقابر جماعية دون تسليمها لذويها، وإعطاء الجثث أرقاما فقط دون ذكر أسباب الوفاة الحقيقية لإخفاء حقيقة مصير آلاف المعتقلين.
كما تضم الوثائق مئات الجداول التي توثق دفن النظام لآلالف من الضحايا بهذه الطريقة، وجداول تحتوي على أسماء لعشرات مئات الشهداء قتلوا في ساحات المظاهرات، وفي بيوتهم، وتحت التعذيب في “مستشفى عبد القادر شقفة”وأفرع الأجهزة الأمنية، وطريقة تحويلهم إلى أرقام، وكذلك كتب مرسلة من المستشفى إلى محافظ حمص تتضمن إحصائية شهرية بأعداد “الشهداء”، مما يدل على تورط القيادة السياسية في المحافظة المرتبطة بالقادة السياسية لنظام الأسد بهذه الجرائم الشنيعة، التي تدل الوثائق على أنها كانت ممنهجة وموجِهة للسلوك الإجرامي المتبع بحق المدنيين، حسب الائتلاف.
وأكد أن “جميع الوثائق المشار إليها هي أصلية ورسمية وممهورة بخاتم الطب الشرعي وخاتم مستشفى عبد القادر شقفه العسكري في منطقة الوعر، مما يربط هذه الجرائم بالقيادة السياسية بالإضافة للأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد، ومنها على سبيل المثال كتاب صادر بتاريخ 2012/7/5، يتضمن طلبا بتسهيل عبور سيارة للدفاع المدني التابع للنظام نوع افيكو تحمل رقم 903555 ، تنقل اثنين وثلاثين جثة مع طلب أرقام للقبور.
وحسب الوثائق، فإن المتورطين في تنفيذ هذه الجرائم هم: “الأمن والجيش والشبيحة، مستشفيات وزارة الصحة، الطب الشرعي، المستشفيات العسكرية، القضاء، الإفتاء، العاملون في الدفن الجماعي، والمحافظ”.
وبلغ عدد الوثائق الممهورة بختم الطب الشرعي في عام 2012، 77 وثيقة، والتي تؤكد إرسال “1212 شهيدا” إلى مقبرة تل النصر بمقابر جماعية.
أما الوثائق التي تم الحصول عليها والممهورة بختم مدير المستشفى العسكري بحمص، 11 وثيقة، والتي تؤكد إرسال “147 قتيلاً” إلى مقبرة تل النصر.
كما تم الاستحواذ في 2012 أيضا، على أوراق غير ممهورة بختم رسمي وعددها 18 وثيقة، لإرسال “330 شهيدا” إلى المقبرة ذاتها.
في حين أن الوثائق الصادرة في عام 2013، بلغ عددها 793 وثيقة، ممهورة من الجهات ذاتها ومنها من دون أختام، لإرسال “1032 شهيدا” إلى مقبرة تل النصر.
وتم الكشف أيضا عن وثائق صادرة عام 2014، ممهورة من إدارة المستشفى العكسري، ومن إدارة القضاء والمفتي في حمص، لإرسال “2489 شهيدا” إلى المقابر الجماعية في تل النصر، ليصل بذلك عدد الضحايا في المقابر الجماعية من عام 2012 إلى عام 2014 إلى 5210 قتيلاً”.
وختم الائتلاف ما كشف عنه بالإشارة إلى أن “محافظ حمص، الدكتور بسام محمد، الدكتور سميح عودة، الدكتور محمد ساطور، الدكتور جورج صليبي، العميد الطبيب علي محمد عاصي، العميد الطبيب هيثم يوسف عثمان”، هم أبرز المتورطين في جرائم المقابر الجماعية ودفن المتظاهرين فيها داخل مدينة حمص.
يشار إلى أن أحد الأطباء ويدعى “علاء موسى”، وحسب ما نشرت منصة SY24 نهاية 2020، تتم محاكمته في ألمانيا بتهمة تعذيب وقتل المعتقلين المعارضين للنظام السوري، أثناء عمله في المستشفى العسكري في حمص، وفي سجن تابع للمخابرات العسكرية في حمص أيضا.
ومن بين الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها “موسى”، جاء في المذكرة أنه في صيف 2011، سكب الكحول على الأعضاء التناسلية لطفل يبلغ من العمر 14 أو 15 سنة وأشعل النار فيه، وأن الصبي كان يصرخ ويبكي من الألم.
يذكر أن مئات الآلاف من السوريين تعرضوا للاعتقال منذ بداية الثورة السورية، وقضى الآلاف منهم تحت التعذيب في سجون النظام، حيث سرب “قيصر” الضابط المنشق عن النظام صور لعدد كبير من الضحايا الذين قتلوا في سجونه خلال الفترة الممتدة من آذار 2011 وحتى آب 2013 فقط.
يمكنكم الاطلاع على الملف كامل الذي يتضمن الوثائق، نشرها الائتلاف الوطني السوري المعارض: