تتوجه “سناء حمودة” إحدى النازحات من ريف اللاذقية الشمالي، المقيمة في مخيمات ريف إدلب الغربي بشكل يومي بصحبة أطفالها نحو الغابات والجبال القريبة بهدف جمع الزهورات والأعشاب الطبية والزعتر بمختلف أنواعه، وذلك من أجل بيعه لتأمين مصدر دخل لأسرتها.
وقالت سناء حمودة في حديثها لـ SY24: “كنت أنتظر فصل الربيع من أجل الانطلاق للعمل، كنت أعمل بهذه المهنة منذ زمن قبل أن أترك قريتي في ريف اللاذقية، وأضطر مجبرةً للنزوح إلى مخيمات الشتات”.
تعتمد سناء على جمع أنواع محددة من الأعشاب الطبية منها أزهار “السنجريق، الزعرور، والزعتر الأخضر، وزعتر الجبن” ومن ثم تقوم ببيعها إما خضراء أو أن تقوم بتجفيفها، وبالتالي قد يزيد سعرها بسبب الفارق بالوزن.
وأشارت سناء إلى أنّ سعر كيلو الزعرور الأخضر يبلغ 200 ليرة سورية، أما السنجريق 150، والزعتر 200، وزعتر الجبن 700 ل.س، فيما تختلف الكمية التي تجمعها يومياً هي وأطفالها بحسب النوع الذي تقطفه ومدى توفره وانتشاره في المنطقة.
من جانبها قالت السيدة سمر وهي إحدى النازحات في حديثها لـ SY24 إنّها لم تكن تعمل في هذا المجال سابقاً لكن تعلمت الأمر من جاراتها في المخيم بسبب ضيق سبل العيش وعدم توفر فرص العمل، فضلاً عما تحمله من مسؤولية إعالة أسرتها بعد وفاة زوجها، مؤكدة أن هذه الفترة تعتبر الأهم بالنسبة للعمل بالأعشاب الطبية ففيها العديد من المواسم والأزهار التي يبيعونها، كما أنها تستمر لمدة شهر من ثم تنتهي.
وأشارت سمر إلى أن العاملات في هذه المهنة يواجهن الكثير من المشاكل والصعوبات في عملهن، أبرزها استغلال التجار لهن وشراء ما يقمن بجمعه بأسعار بسيطة بسبب الحاجة الكبيرة، فضلاً عن صعوبة نقل الأعشاب من الجبال إلى المخيم بسبب وعورة الطرقات وحملها على الأكتاف، إضافة إلى تعب العمل وطوله والخوف من القصف والاستهداف من قبل النظام، لأنهن غالباً يُجبرن على التوجه نحو مناطق خطيرة بسبب كثرة العاملين في هذا الأمر وهو ما يؤدي إلى انتهاء الأعشاب التي تتواجد في المناطق السهلة والأمنة.
أبو محمد هو أحد التجار الذي يشتري من النساء الزهور قال في حديثه لـ SY24 إنه يقوم بشراء الأعشاب الطبية من الأطفال والنساء في المخيمات، ومن ثم يعمل على تيبيسها وبيعها للتجار أو المعامل في مناطق مختلفة منها لبنان وتركيا أو حتى للتجار في مدينة إدلب، موضحاً أنه يجبر على شرائها بأسعار محددة بسبب التكاليف الكثيرة التي تترتب عليه وضعها من نقل وتعبئة في الأكياس، والحاجة لجلب عمال ودفع أجار يومي لهم من أجل هذه الأمور.
كذلك أضاف أنه يجبر أحياناً على دفع ثمن ما يشتريه ويقوم بتخزينه لفترة طويلة ريثما يتحسن سعر هذه الأعشاب، فخلال الموسم تكون أسعارها قليلة ويتحول عمله لخسارة إذا باعها بشكل مباشر، كذلك هو يعمل في هذه المهنة منذ زمن طويل وبات اسمه معروفاً ويأتي إليه الكثير من الناس من أصحاب المعامل ومصانع الأدوية للشراء منه.
واختتم أبو محمد الحديث بأنه أحياناً يقوم بجلب عمال له بشكل خاص ويوجههم نحو الأراضي ليجمعوا له أنواع محددة من الأعشاب والتي تكون مطلوبة منه ويعطيهم مقابل عملهم أجاراً يومياً بدلاً من أن يشتري منهم بالكيلو، معتبراً أن هذا الأمر يشكل له مربحاً أكبر خصوصاً إذا كانت العشبة التي يطلبوها غالية الثمن.
يشار إلى أن آلاف العوائل القادمة من مناطق متفرقة تسكن مخيمات ريف إدلب الغربي الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة، وسط ظروف إنسانية صعبة ونقص في مختلف مقومات الحياة وغياب فرص العمل والدخل المادي لهذه الأسر.