شرقي سوريا.. مشاركة خجولة للمرأة في التحالفات المدنية!

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

دور المرأة السورية ومشاركتها في الثورة، إضافة إلى اشتداد وطأة الظروف التي تعيشها من جراء الصراع منذ نحو 10 أعوام، يعتبر أحد أبرز عوامل النقاش في المجتمع المدني حالياً، فما زال موضوع مشاركة المرأة في صنع القرار موضوعا جدليا يستحوذ اهتمام الناشطات في مجال المواطنة، خاصة في المنطقة الشرقية من سوريا والتي باتت رقعة من الأرض تتنوع فيه الأطراف الحاكمة وقوى الصراع لتشهد حراكا سياسيا لا بل دمويا حادا.

هكذا بدأت حديثها الناشطة “مريم” لمنصة SY24، مضيفة أنه وبالرغم من التطورات التي قد حدثت في السنوات الماضية، ولا يمكن إغفالها، إلا إنه لا يزال هناك اعتراف خجول من قبل مجتمعنا بالدور السياسي والمدني للمرأة، فقد بدأ تعيين النساء في بعض المناطق بالمجالس المحلية والهيئات وكذلك التحالفات المدنية حتى لو بدا الأمر بصورة رمزية ونخبوية، إلا أننا نستطيع القول بأن الحواجز التي كانت قائمة منذ مايقرب الأربع عقود قد شهدت تحسناً نسبياً.

فرغم مساحة الحرية التي منحتها الإدارة الذاتية للمرأة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، إلا أن هناك تغيب واضح لدورها في التحالفات المدنية، وأخص بالذكر هنا نساء ديرالزور، حيث لا يوجد هناك اهتمام واضح لتواجدهم أو حتى إشراكهم في اتخاذ القرار.

على سبيل مثال تعتبر مدينة القامشلي حالياً مقر لإنطلاق جميع المنصات والتحالفات المدنية، فرغم تواجد عدد لا بأس به من نساء الدير الجامعيات وأصحاب الكفاءة المقيمين بها، إلا أنه لم نسمع للآن بتواجدهم بمناصب اتخاذ القرار فغالباً ماتمثل الدير بجميع المحافل من قبل الفئة الذكورية.

وأضافت “مريم” أن “الوضع الحالي لا يدعو للاسترخاء، بل على العكس فإن الوضع الحالي يطرح تساؤلات من نوع جديد بشأن نسبة مشاركة المرأة ومستوى أدائها وكيفيته، ومدى قدرتها على التأثير”.

ورغم مرور نحو عشر سنوات على بدء تدهور الأوضاع في جميع المناطق، وما رافق ذلك من مآسي إنسانية، بدأت بالنزوح، وتجاوزتها لتشمل تشتت شمل العائلات وفقدان عدد من معيلها، إلا أن ناشطات من غرب الفرات ما زالنا حتى اليوم يمارسنا نشاطاً بارزاً يتمحور حول التوعية المجتمعية التي تهدف إلى رفع مستوى وعي النساء بحقوقهن الأساسية.

“حلا العبدالله” واحدة من الناشطات اللاتي فضلن البقاء في المنطقة على النزوح إلى مدن آخرى، تقول “حلا”: إن “المرأة السورية دفعت الثمن الأكبر نتيجة الظروف الناتجة عن حالة الحرب المستمرة، لقد أصبحت المرأة تحمل أعباء لم تعتد على حملها وتحديداً في البيئة الريفية”.

وذكرت أن “ثقافة البعض تقتصر دور المرأة غالباً على رعاية شؤون الأسرة المنزلية وتربية الأطفال ومتابعة تعليمهم في أفضل الأحوال، لكن بعد التغيرات الجذرية التي فرضتها الظروف الحالية، فإن الكثير من النساء اضطررنا لمتابعة شؤون أسرهن داخل المنزل وخارجه”.

وأضافت بأنها تحاول مع مجموعة من الناشطات عقد جلسات حوار مجتمعية تجمع نساء من مختلف البلدات والقرى، يتبادلنا من خلالها خبراتهن وتحكين تجاربهن الشخصية مع النزوح وتأمين لقمة العيش ومواجهة أعباء الحياة.

وأشارت إلى أن المشكلة الكبرى التي تواجه النساء في الواقع ليست الظروف الخارجية المرتبطة بالأوضاع العامة، وإنما في الواقع هي جهلهن بحقوقهن الأساسية وعدم قدرتهن على فهم الفروقات الجوهرية بين واقع معيشتهن اليومية من جهة وما يجب أن تكون عليه حياتهن من جهة ثانية.

وأفادت الناشطة في حديثها أنه لا يمكن أن تطلب من نساء غير متعلمات منحدرات من مجتمعات ريفية محافظة أن يشرحن حقوقهن الأساسية، إلا أنه من المهم أن تنطلق حملات توعية للنساء لشرح الطرق التي يمكن من خلالها رفع مستوى وعيهن وبالتالي تحسين مستوى حياتهن.

في سياق آخر تخبرنا الناشطة “علا”، بأن السبب الأساسي وراء تراجع النساء وتهميشهم يعود إلى الإخفاق المتعمد من قبل فئة الرجال المتمثلة بالنخب السياسية والمدنية، وعدم إحرازهم تغيير في طريقة التعامل مع التمييز والمساواة مع الجنس الآخر.

ولفتت إلى أن غالبية المنصات المدنية والسياسية المتضمنة لدينا في المنطقة ترشح المرأة لمراكز صنع القرار لأسباب لا تشعر معها بالحاجة إلى ذلك، وإنما لئلا تنتقد من جهات معارضة آخرى.

وأكدت الناشطة، أن تجربة الإدارة الذاتية في منح المرأة مناصب إدارية تمكنها من اتخاذ القرار لا يعني بالضرورة نجاحها في جميع المناطق، فنحن نسمع كثيراً عن استدعاء وسفر أشخاص فاعلين من ديرالزور إلى واشنطن وغيرها لمناقشة وضع المنطقة مع الخارجية الأمريكية، لكننا لم نلحظ للآن تواجد النساء من ضمن هذه الوفود، كما إنني لا أجد أن أرقام الظهور تعتبر مؤشراً أساسي لفهم العقلية وتطورها.

ومن هنا نتطرق إلى أهمية التوعية المجتمعية العامة، وألا تقتصر التوعية على النساء فقط، وإنما يجب أن تشمل جميع الفئات المحلية، وهذا يتطلب تضافر جهود مكثفة لجميع مؤسسات المجتمع المدني السورية التي يجب أن تركز على تأهيل المرأة في المجتمعات الريفية لتكون صاحبة دور أكثر إنتاجية وفاعلية في المجتمع.

الجدير بالذكر أن الأزمة التي تواجهها المرأة في ديرالزور مشابه لأخواتها في كثير من المناطق في سوريا، ومن الصعوبة بمكان تحديد حجمها بدقة بسبب غياب الإحصاءات الدقيقة التي يمكن أن ترفدنا بعدد النساء الفاعلات والمعيلات لعوائلهم.

لتظل بذلك قضية مشاركة المرأة في سوريا وتقييم الفرص المتاحة لها للنفاذ إلى كافة مواقع صنع القرار سواء على مستوى مؤسسات الدولة أو منظمات المجتمع المدني من القضايا التي تحتاج إلى مقاربة مختلفة وغير تقليدية للتحرك بقضية التمكين السياسي للنساء من مجرد تخصيص بعض المقاعد الخاصة لهن إلى وجود عدد من النساء في مواقع صنع القرار أياً كانت إلى تحقيق مشاركة سياسية مميزة تؤثر بشكل واضح على المجتمع.

مقالات ذات صلة