جذبت لافتة كتب عليها “القطعة بخمس ليرات، وثلاثة بعشرة” معلقة على سلة ملابس كبيرة، في محل بيع ألبسة مستعملة بشارع الخمارة في مدينة إدلب، السيدة “هيام 37 عام” مهجرة من غوطة دمشق، أثناء بحثها عن قطع تناسب أعمار أطفالها.
تقول “هيام” لمنصة SY24: “اشتري لأطفالي كسوة الشتاء من محالات البالة بسعر مقبول يتناسب مع دخلي، فلا قدرة لي على شراء ملابس جديدة لخمسة أطفال”.
اشترت “هيام” 9 قطع من الألبسة، بـ 30 ليرة تركية، وهو ثمن قطعة واحدة من الملابس الجديدة، تشير إلى أن “الأطفال يحتاجون ملابس كثيرة وتوفر لي ملابس البالة شراء مزيداً من القطع بسعر مقبول”.
ارتفاع أسعار الملابس الجديدة في سوق مدينة إدلب، جعل الأهالي يقبلون على شراء ملابس البالة، ولاسيما أنها ذات جودة عالية، فبعضها من ماركات عالمية وسعرها يناسب الدخل المتدني لشريحة واسعة من السكان.
يخبرنا “أبو سعيد” صاحب متجر لبيع ملابس وأحذية وحقائب أوربية في مدينة إدلب، عن إقبال الأهالي ذات الدخل المحدود على شراء الملابس والأحذية من عنده، يقول: “سعر قطعة واحدة من ملابس الأطفال تتراوح بين 8_20 ليرة تركية حسب جودتها وهو سعر مناسب لكثير من الأسر، بينما أقل قطعة من الملابس الجديدة ذو جودة مقبولة، ثمنها لا يقل عن خمسين ليرة، وكذلك الأحذية والحقائب”.
تستورد الملابس في “ربطات” تزن خمسين كيلو أو أكثر، معبأة في حاويات كبيرة، ثم تفرز حسب جودتها إلى نخب أول وثاني وثالث، يقول “أبو سعيد” إن “القطع ذات النخب الأول تباع بسعر أعلى من باقي القطع لتحمل خسارة باقي الأنواع، وهناك ما هو مخصص للحرق يشتريه بعض الأشخاص بالوزن لاستخدامه في التدفئة شتاءً”.
يضيف أن أسعار البالة هذا العام زادت ضعف ما كانت عليه العام الماضي بسبب ارتفاع تكلفة الشحن وزيادة الضرائب المفروضة على الشاحنات عند دخولها إلى الشمال السوري، يخبرنا أن “عدداً لابأس به من محلات البالة أُغلقت مؤخراً لهذا السبب، فلم تعد المرابح تناسب التكلفة وأجرة المحل”.
يرجع أحد تجار الجملة في مدينة سرمدا، تحفظ على ذكر اسمه، سبب ارتفاع أسعار البالة لقلة عدد الشاحنات المسموح بإدخالها إلى الشمال، حيث اقتصرت على الحقائب وألعاب الأطفال والمفروشات ونسبة قليلة من الملابس.
يقول لمنصة SY24: “نحن كتجار نستورد البالة القادمة من أوروبا إلى تركيا عن طريق المعابر، ونضطر أحياناً إلى دفع مبالغ مرتفعة لإدخالها بشكل غير قانوني أي تهريب، ما يزيد في أسعار البضاعة بشكل عام”.
يعتبر الشاب العشريني “حسام”، أن بيع ألبسة البالة أمنت له وللكثير من الشباب فرصة عمل مقبولة، فهي حسب قوله لا تحتاج رأس مال كبير خاصة إن كانت على بسطة صغيرة في أحد البازارات.
يقول لنا “استطعت بمبلغ مئة وخمسين دولار أن أفتح بسطة صغيرة من ألبسة البالة الولادية، كنت أذهب للبازارات في عدة مناطق قبل أزمة كورونا أما اليوم بعد إغلاقها أقصد أماكن التجمعات في السوق الرئيسية، فلا قدرة لي على دفع أجرة محل وسط السوق”.
تجد شريحة من الأهالي بألبسة البالة، حلاً يتماشى مع وضعهم المعيشي في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار، بالوقت الذي أصبحت كسوة عائلة من خمس أشخاص، تتراوح بين خمسين ومئة دولار ثمن ملابس جديدة، ناهيك عن باقي مستلزمات الحياة.