النساء أكثر المتضررين من “الطوابير البشرية” في مناطق النظام

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

كأحجار الدومينو لا تنتهي أزمة على السوريين في سوريا حتى تعقبها أزمة آخرى، يترافق معها بالطبع وضعٌ إنساني لا يمكن للمتابع العادي له إلا أن يرسم عنه صورة تشبه الجحيم مع صور حقيقة تطال مرأى ومسمع الجميع، فمصطلح دولة الطوابير بات ملازماً لسوريا الواقعة تحت سيطرة النظام وحلفائه، والتي باتت تتزايد الطوابير فيها طولاً وإتساعاً يوماً بعد يوم، لتكبر رقع الأزمات مع عدم قدرة حكومة النظام عن إيجاد أي حلول، واكتفائها بالتعليق على شماعة الأزمات والتطورات الدولية والإقليمية.

“لم تخص الأزمات المتنامية في سوريا فئة دون غيرها، فكان للنساء نصيبٌ في ذلك، لتبقى المرأة السورية تعاني مرارة الصراع الذي مازالت آثاره مستمرة بالظهور يوماً بعد يوم”، هكذا بدأت الناشطة “سميرة” حديثها في لقاء خاص لها مع منصة SY24.

تقول الناشطة: إن “الطوابير في سوريا أصبحت عادة يومية، وثقافة حياتية، ومشهداً مألوفاً للعيان، بعضها يفرضها الواقع المعيشي الصعب، والأخرى مفتعلة يسببها أصحاب المصالح الضيقة لابتزاز المواطن واستغلاله، رغم الواقع الملتزم الذي يفرضه مجتمعنا المحافظ، إلا أن المشهد الحالي يظهر عكس ذلك لنجد الكثير من النساء منتظرين في الازدحام، بل أصبح الكثيرات منهن يتناوبن مع أزواجهن بالخروج مع ضوء الفجر صباحاً لتجنب الأزمة، ولكي يحصلنا على دور قريب يمكنهن من الحصول على مخصصات العائلة من الخبز أو بعض المواد الآخرى.

وتابعت قائلةً: “منذ خروج أعداد كبيرة من السوريين قبل عشر سنوات في مظاهرات سلمية مطالبة بالخبز والحرية، انزلقت البلاد إلى هاوية الصراع متعدد الجوانب، وبات النزاع أكثر تعقيداً لتعيش سوريا أصعب وأحلك لحظاتها ولا أمل في الأفق”.

السيدة “لما”، تقول: إن “الوقفة على الفرن بهدلة وتشبيح وخناق، والازدحام على الطوابير رهيب، حيث يقف الناس أحيانًا لخمس وست ساعات في الانتظار، كما إنه لا يوجد أي أولوية لمراعاة بعض الفئات الضعيفة دون الأخرى، بل على العكس تماماً كثيراً ما تتكرر مواقف الشتم والسب، واستخدام الألفاظ المتدنية بين الرجال والنساء، لتصل في معظم الحالات إلى الاقتتال بينهم والذي في غالبيته يعتبر تعدي على المرأة وتعنيف لها، فقد بات هذا المشهد مألوفاً بالنسبة ليومنا، إضافة لتدخل الشرطة في غالبية الأحيان، ليتم اعتقال أحد الطرفين”.

على الرغم من استمرار حديث حكومة النظام عن حل بعض الأزمات المتواجدة في البلاد، إلا أنه ما تلبث أن تختفي واحدة حتى تبدأ أخرى بالظهور، مع عدم قدرة الحكومة على تأمين أدنى مستويات المعيشة للسكان.

وحول هذا السياق، تخبرنا “سوسن” وهي موظفة في مؤسسة حكومية تابعة للنظام، أن أشكال الطوابير في سوريا تعددت لتستهلك وقت الإنسان السوري وتلتهم يومه وساعات نهاره، فأزمة المحروقات لم تطل أصحاب السيارات فقط، بل نتج عنها طوابير وأرتال صباحية ومسائية أعادتني بالذاكرة للاصطفاف الصباحي في المدارس لأخذ التفقد”.

وأضافت “سوسن”، “أصبحنا نعمل كعقارب الساعه في حياتنا، لم يعد المنبه يدق على ساعات قدوم الكهرباء والماء فقط، إنما تخطاها ليصبح هناك وقت محدد ودقيق لخروجنا من المنزل، فالإجراءات والقوانين الحكومية تسببت لنا بأزمة جديدة من خلال، إضافة لطوابير الركاب على سابقتها من الخبز والغاز والبنزين، حيث تسبب غياب المحروقات بأزمة مواصلات، ليبدو مشهد الشارع مكتظاً بالركاب وهم بإنتظار دورهم في وسائل المواصلات العامة فصار على الراكب أن ينتظر أكثر من خمسة ساعات حتى يتسنى له الانتقال بين حي وآخر، وهذا ما دفعني والكثير من النسوة في المنطقة للاضطرار لقطع المسافات سيرا على الأقدام تارةً والبحث عن سبلً جديده تارةً آخرى”.

وفي تشابه للظروف مع اختلاف المواقف تعمل “لمياء” في ورشة للخياطة، وبالنسبة لها فإن ساعات الدوام الطويلة والأجر المتدني لم يعد يشكل أكبر مشكلاتها، بل أن أزمة المواصلات التي تجبرها على الانتظار أو المشي وتحمّل الازدحام كانت أكثر صعوبة.

تقول “لمياء”: “اضطر خلال هذه الفترة للذهاب إلى عملي سيرًا على الأقدام بسبب عدم توفر السرفيس، وإذا أردت الانتظار للركوب يكون ذلك لمدة نصف ساعة وأحيانًا ساعة كاملة، ولذلك أفضل الذهاب مشيًا، إضافةً إلى ازدحام المواقف الرسمية في ساعات الصباح بسبب اضطرار العمال للحاق بأعمالهم، وفي ساعات المساء اضطر للانتظار لعدم رغبتي بالمشي ليلًا”.

وأشارت إلى أن “أزمة المواصلات أصبحت أكثر شيء مقلق بالنسبة لي، وليس هناك حلول لها، وفي حال التأخر عن العمل يخصم علي صاحب العمل من الأجرة”.

تعددت الأزمات التي طالت السوريين مع اختلاف أجناسهم، لتبدو إنها متواصلة أمام العجز الواضح لدى النظام، وعدم مبالاته بالواقع المأساوي الذي يعيشه الناس، وذلك من خلال الحلول الهزلية المقترحة كأسبوعً بلا سكر وآخر بلا بنزين وغيرها من المبادرات الأخيرة، التي تضمنت إيقاف بث برامج الطبخ من القنوات التلفزيونية، وذلك في إطار مواجهة موجة الغلاء والانهيار الاقتصادي في مناطق نفوذه.

مقالات ذات صلة