في البداية لستُ في وارد جلد الذات، خاصة في هذه المرحلة التي نرى فيها الميليشيات الطائفية والمرتزقة الروس وذيولهم وهم يحتلون مدن وقرى السوريين، ويقومون بتهجيرهم في عمليات ممنهجة وبمباركة أممية، بعد تدمير تلك المدن والقرى وقتل الآلاف من أبنائها.
ورغم ذلك، يجب أن يقال الحق وأن يعلم الجميع، بأن ما جرى في الغوطة الشرقية مؤخراً، لم يكن انهزام عسكري بقدر خرق أمني كبير، بعد أن استطاع نظام الأسد اختراق صفوف الثوار عبر قيادي كان معروف بولائه للنظام في بداية الثورة وتحول فجأة للطرف الآخر عندما رجحت الأرض كفة الثورة.
ولعل الكثير منا سمع عن المدعو “بسام ضفدع” والذي خان الثوار واكتشف أنه عميل مزروع في الغوطة من قبل النظام منذ سنوات، وتسبب بعد أن خلع ثوب الثورة وارتدى ثوب الخيانة، خسارة الجزء الأكبر من الغوطة.
وهنا يوجد الكثير من التساؤلات, فكيف لثوار الغوطة وخاصة القادة في “فيلق الرحمن” أن يغيب عن ذهنهم أن هذا “الضفدع” رجل مؤيد للنظام حتى بعد قتل هذا النظام الآلاف من المتظاهرين على يد شبيحته الطائفيين، وأن هذا الشخص تحول لصف الثورة بشكل يدعو للغرابة بعد انطلاقتها من قرابة العام، فضلاً عن أن شخصيته تافهة وانتهازية تبحث عن المناصب الخلبية.
ومن إحدى قصصه التي تدل على شخصيته، مشاجراته المتكررة مع “مأمون رحمة” شبيح المسجد الأموي بدمشق، وكانت المشاجرات على منصب إمام وخطيب في المسجد الكبير بـ “كفربطنا”، وهذا حدث قبل الثورة بفترة وجيزة، ما يضع عشرات إشارات الاستفهام حوله، وعشقه للمنصب حتى لو كان شيخاً منافقاً على منبر أسدي، إضافة للكثير من الصفات التي تجمعه مع غريمه القديم وزميله الجديد “مأمون رحمة”.
نعم، كان من الأجدى وضع كل من على شاكلة “الضفدع” تحت المراقبة على أقل تقدير، قبل أن يتم وضعه في مكان حساس، تسبب بخسارة معركة وتهجير الآلاف، خاصةً وأنه يُلاحظ على معظم فصائلنا الثورية غياب الهاجس الأمني، سيما وأن حادثة “الضفدع” ليست الأولى بل سبقتها العديد من الحالات المشابهة في مناطق عديدة من سوريا.
وأهمية الهاجس الأمني تأتي من أن جميع فصائل الثوار تعلم جيداً بأن النظام عمل منذ بداية الثورة وخاصة بعد تسلحها، على زرع عملاء له في صفوف الثوار، وهذا الأمر يجعل المعركة استخباراتية أمنية في المقام الأول.
ولقادمات الأيام وحتى لا يقع الثوار في فخ أخر مشابه لحادثة “ضفدع الغوطة” يجب عليهم أن يدركوا بأن العمل الاستخباراتي يجب أن يبدأ بصفوفهم هُم أولاً، بدون وضع حصانة لأي أحداً منهم وينتهي بالنظام، لأن هذا العمل لا يقل عن المعركة بالميدان بل هو الأهم، وخير دليل على أهمية هذا الأمر ما نُقل عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قوله: “المعركة خدعة”، ووجدنا تفسير هذا الحديث الشريف على أرض الغوطة فخدعنا النظام بدلاً من أن نخدعه.
كذلك يجب أن لا ننسى بأن الضفادع ليست محصورة في صفوف الثوار فحسب، فهي منتشرة في أماكن متعددة من ثورتنا، فهناك ضفادع سياسية وإعلامية ورمادية وضفادع الإشاعات وغيرها، بل وهناك من لازال “شرغوف” -وهو صغير الضفدع-، وهذا النوع خطير يجب اصطياده قبل أن يكبر، حتى لا نقع كما وقعنا بضفدع الغوطة والذي كان قبل سنوات مجرد “شرغوف” صغير.
كذلك يجب أن لا ننسى بأن الضفادع ليست محصورة في صفوف الثوار فحسب، فهي منتشرة في أماكن متعددة من ثورتنا، فهناك ضفادع سياسية وإعلامية ورمادية وضفادع الإشاعات وغيرها، بل وهناك من لازال “شرغوف” -وهو صغير الضفدع-، وهذا النوع خطير يجب اصطياده قبل أن يكبر، حتى لا نقع كما وقعنا بضفدع الغوطة والذي كان قبل سنوات مجرد “شرغوف” صغير.