يستيقظ العالم صباح الخامس والعشرين من تشرين الثاني في كل عام، على حملة عالمية تطالب بوقف العنف ضد المرأة، تستمر 16 يوماً، وتقام خلالها حملات للتوعية من خطورة العنف الممارس على المرأة، والتي هي ركن أساسي في المجتمع.
بحسب تقارير صادرة عن هيئة الأمم المتحدة، تتعرض ثلث النساء للإيذاء والعنف في الظروف الطبيعية الخالية من النزاعات، فيما يرتفع عدد تلك النسوة في أماكن الحروب والنزاعات.
ووفقا لهذه التقارير، فإن سوريا تأتي في المرتبة الثالثة كأخطر بلد على النساء والفتيات، حيث تسببت الحرب في زيادة مستوى العنف المعروفة سواء الأسري أو العنف الناتج عن ظروف الحرب القاهرة التي عاشتها النساء كالنزوح والتهجير، إضافة لظهور أشكال أخرى من العنف جلبها عدد من المقاتلين الأجانب الذين توافدوا إلى الداخل السوري من بلاد وجنسيات مختلفة، إحدى هذه العادات والذي يعد نوعاً من أنواع العنف هو “ختان الإناث”.
تخضع النساء والفتيات للختان في مرحلة الطفولة، وأحيانا في مرحلة المهد والرضاعة، في مرحلة المراهقة، ويجري تغيير أو استئصال أجزاء من أعضاء الأنثى التناسلية الخارجية.
تنادي الأمم المتحدة بإنهاء ممارسة الختان وجعلت يوم السادس من شباط من كل عام، يوماً عالمياً لعدم التسامح مطلقا مع ختان الإناث.
وفي هذا الجانب، توضح الأخصائية النفسية “ضحى” في حديث خاص لها مع منصة SY24، أن “كثيرات من النساء تأثرن بالتغييرات الديموغرافية في بعض المناطق، خاصة التي كانت تحت سيطرة داعش، بسبب وجود جنسيات مختلفة من عدة بلدان، حيث جلب بعض الجهاديين الأجانب عادات وتقاليد بلدانهم الأصلية ومارسوها على عائلتهم، كختان الإناث أو ما يعرف علمياً، بتشويه الأعضاء التناسلية”.
وذكر تقرير أعدته اليونيسف عام 2013، أن ختان الإناث ينتشر في 27 دولة أفريقية إلى جانب اليمن وإقليم كردستان بالعراق، حيث تصل أعداد الفتيات اللواتي تعرضن للختان إلى 125 مليون فتاة.
كما أشار التقرير إلى انتشار الختان أيضًا في دول أخرى خلاف الـ 29 دولة المذكورة، لكن نسبة انتشاره على مستوى العالم غير معروف”.
وأضافت “ضحى”، أن “مثل هذه العادة انتشرت في الأرياف خلال سيطرة داعش على مدينتي الرقة وديرالزور، علاوة على وجودها عند بعض الأسر الكردية الذين تنحدر أصولهم من كردستان العراق”.
“أم أحمد” زوجة مقاتل مصري الجنسية، اندهشت عندما دخل زوجها مع قابلة قانونية لإجراء عملية ختان لطفلتها التي لم تتجاوز 8 سنوات، روت لنا تفاصيل مؤلمة عن الحادثة، قائلةً: “لم أتماسك نفسي، حاولت منعهم لكن دون فائدة، فتقاليد المجتمع المصري كما أخبرني تفرض علينا ذلك، ويجب إجراء الختان لها قبل بلوغها”.
تتذكر الطفلة “ريم” أبشع اللحظات التي تعرضت لها، تقول لنا: “قيدوا يديّ وقدميّ بالحبال، وأغلقوا فمي حتى لا يُسمع صُراخي، لم أفهم لماذا هذا العذاب والعقاب!!، إلا أن والدي أخبرني حينها بأنني تطهرت”.
عاشت الطفلة “ريم” لحظات مؤلمة لمجرد أنها أنثى يجب أن تنصاع لتقاليد المجتمع البالية، وكثير من الفتيات والنساء تسبب لهن “عملية الختان” مشاكل جسدية ونفسية يستمر تأثيرها طيلة حياتهن.
هناك نسبة من النساء المتزوجات من مهاجرين مصريين ويمنيين، ما زلن يمارسن على فتياتهن هذه العادة، رغم ما تسببه هذه من أضراراً جسدية ونفسية تؤثر على حياة المرأة.
تقول القابلة القانونية “أم جوان”، بدأت ألحظ هذه الظاهرة مؤخراً من خلال عملي وتنقلي بين مخيمي الروج والهول في مدينة الحسكة، حيث يقطنها نساء التنظيم ممن يحملن جنسيات أخرى.
فقد استُدعيت لأكثر من حالة إسعافية لفتيات لم يبلغن العاشرة من عمرهن خضعن لهذه العملية من قبل أحد النساء المقيمات في المخيم، مما تسبب لهن بنزيف والتهابات مزمنة.
وأضافت أن “النساء لا يتحدثن عن ذلك علناً أمامي حين يأتون إلى النقطة الطبية خشية الانتقاد والمحاسبة”.
وأشارت القابلة إلى أن هذه المخيمات خلقت مجتمع خاص بها، مع معاشرة النساء لبعضهن بدأنا يكتسبنا عادات جديدة، فرغم تدني الواقع الصحي في المخيم إلا أن غالبية النساء لم يكترثن بذلك.
تجرى عملية الختان بدون إرادة الفتاة، ويعتبر الختان شكل من أشكال العنف ضد المرأة وانتهاك لحقوقها الإنسانية ,أما في حالة الأطفال فيعتبر الختان انتهاكاً لحقوق الطفل.
تقول الطبيبة “سارة”: إن “ختان الإناث عنف وانتهاك الحقوق الأساسية للنساء والفتيات لا يجب السماح بانتشار مثل هذه الظاهرة في مجتمعنا، حتى من قبل العاملين في القطاع الصحي”.
وتؤكد أن “بتر أعضاء الفتيات التناسلية ليس له أي فوائد صحية، بل على العكس يمكن أن يؤدي إلى نزيف حاد ومشاكل في التبول، وفي وقت لاحق إلى خراجات والتهابات وعقم، فضلاً عن خطورة مضاعفات انعكاساته العملية على صحة الفتيات النفسية وإصابتهن بالصدمة”.