تكاد الشمس لا تدخل منزل “أم خليل” في مدينة التل بريف دمشق، مع ارتفاع نسبة الرطوبة التي تركت أثراً على جدران القبو الذي تسكنه، ومع ذلك في مهددة بإخلاء المنزل على رأس السنة الجديدة إن لم ترفع قيمة الأجرة، تقول لنا السيدة الخمسينية :”خيرني صاحب المنزل بدفع مبلغ إضافي لبقائي في المنزل، أو مغارته مع انتهاء العقد بعد شهر تقريباً”.
تدفع “أم خليل” 50 ألف ليرة سورية أجرة القبو الذي تسكنه، وهو عبارة عن غرفتين بمساحة 70 متر، مجهز بكسوة رديئة حسب وصفها، غير أن ارتفاع أجرة المنازل بشكل عام، أجبرتها على البقاء، فأقل أجرة منزل في مدينة التل لا تقل عن 75 ألف، بينما تصل أجرة الشقق ذات الكسوة الجيدة إلى 150 ألف ليرة شهرياً.
شكل ارتفاع إيجار العقارات السكنية والتجارية في مدينة دمشق وريفها، أزمة إضافية على السكان في الفترة الأخيرة، ما دفع كثير من الأهالي إلى ترك المدن والتوجه نحو الريف والضواحي كون الإيجارات أقل ثمناً من المدن.
في منطقة مساكن برزة تراوحت أجرة بعض المنازل من 300 إلى 400 ألف ليرة بينما تصل إلى مئة ألف في منطقة برزة البلد.
يقول صاحب مكتب عقاري في المنطقة رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن “إيجارات المنازل تختلف من منطقة لأخرى وحسب مساحة المنزل وكسوته، إضافة إلى أن كثافة السكان العالية في المدن والعاصمة، ساهمت بارتفاع أسعار العقارات، وبالتالي ارتفعت أجرة المنازل، وأثر انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية على ذلك أيضاً”.
تصل أجرة بعض المنازل في مناطق المزرعة، والميسات، وساحة الشهبندر والقصاع، وشارع بغداد، في دمشق إلى أكثر من 300 ألف ومنها ما يصل إلى نصف مليون في المناطق التي تسكنها الشريحة الغنية مثل أحياء الحمرا والشعلان والمالكي.
فيما تكون أجرة المنازل في العشوائيات مثل “عش الورور” و”مزة 86″ ومزة جبل وبعض الضواحي أقل منها تصل إلى مئة ألف ليرة، وفي منطقتي جرمانا ودويلعة تتراوح بين 100 و200 ألف ليرة شهرياً.
وتعد أجرة المنازل مصدر دخل لشريحة كبيرة من السكان، في ظل قلة فرص العمل وارتفاع معدل البطالة، وتدني مستوى المعيشي.
يملك “أبو محمود” من سكان مدينة دوما منزلاً يعيش من أجرته، يخبرنا في حديث خاص لمنصة SY24 قائلاً إن “أجرة المنزل هي مصدر رزقه الوحيد، بعد ما تدمرت منازل أولادي ومحلاتهم التجارية بفعل القصف، ولم يبق لي سوى منزله الذي أسكنه مع زوجتي”.
يحصل “أبو محمود” على مبلغ 90 ألف أجرة منزله تكاد تكفيه مصروف عشرة أيام في ظل الوضع المعيشي السيء الذي يعيشه الأهالي اليوم.
فيما يستغل أصحاب المكاتب العقارية الغلاء ويرفعون أجرتهم أيضاً، أو ما يعرف ب”الكومسيون” عند توقيع العقد، يقول أبو محمود “إن المكتب يأخذ أجرة الشهر الأول عند مساهمته في تأجير المنزل، وهذا ما يحصل معه في كل مرة بضع المنزل عند مكتب عقاري لتأجيره”.
يعاني كثير من الأهالي من ارتفاع إيجارات المنازل ولاسيما مع تدني مستوى الدخل وتدهور الوضع المعيشي لغالبية السكان، وتعتمد شريحة واسعة منهم على الحوالات التي تأتيهم من أبنائهم وأقاربهم المغتربين، حيث تتجاوز أجرة أقل منزل في الضواحي، راتب موظف حكومي.