العيش في المخيمات.. وجه العنف الخفي ضد المرأة السورية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

خلف أقمشة الخيام، وبين الحارات الضيقة في مخيمات إدلب شمال غربي سوريا، ثمة قصص مؤلمة عن عنفٍ خفي تعيشه النساء، كان النزوح والظروف الصعبة التي دفعت النساء وعائلاتهن للاستقرار المؤقت تحت سقف قماشي، أحد أبرز الأسباب التي كثر الحديث عنها، لدرجة الاعتياد ومن ثم الملل.

“زهرة” سيدة مهجرة من ريف دمشق، تروي لمنصة SY24 تجربتها القاسية في عدم الاستقرار والنزوح المتكرر منذ سبع سنوات، حتى حطت رحالها في مخيم عشوائي صغير على أطراف بلدة “أطمة” بريف إدلب، تقول: “أقضي الشتاء كله في ترميم الخيمة، وسحب المياه المتسربة إلى داخلها، بعد إصابة زوجتي بشظية أفقدته القدرة على العمل، صرت أعمل كامرأة ورجل بآن واحد، وأتحمل مشقة الحياة لأجل أطفالي”.

تقاسي “زهرة” ومئات النساء مثلها، مرارة التأقلم بالسكن في المخيمات، خاصة في الشتاء حيث تتكرر المأساة كل عام، وتغرق عشرات الخيم بمياه الأمطار، دون وجود حل لهذه المأساة”، تتساءل زهرة متى ستعيش المرأة حياة آمنة، مستقرة وخالية من المعاناة والسعي وراء لقمة العيش؟.

ليس بعيداً عن خيمة “زهرة”، تسكن السيدة الأربعينية “عزيزة العلي” أرملة وأم لثلاثة أطفال، يشابه حالها الكثير من نساء المخيم، في تحمل أعباء الحياة بمفردها دون معيل.

احتالت “عزيزة” على فقرها ووضعها المعيشي السيء، بعد عجزها عن شراء أسطوانة غاز لطهي الطعام، بسبب الفقر والغلاء، حيث صنعت موقداً من الطين والقش بالقرب من خيمتها، تقول لنا: “لا يمكن الاستغناء عن النار، حيث أحضر الطعام يومياً وأسخن المياه لحمام الأولاد، وأحضر الخبز بعض الأحيان عندما لا أملك ثمنه”.

تشعل “عزيزة” موقدها ببعض الأخشاب وأكياس النايلو، وعلب البلاستيك، التي يجمعها أطفالها، تشكي في حديثها عن معاناتها اليومية، ولاسيما عند الاستيقاظ باكراً لصنع الفطور لأطفالها قبل ذهابهم للمدرسة، تخبرنا عن صعوبة هذا الأمر وكيف تعجز أحياناً عن إضرام النار، بسبب تبلل الموقد بمياه الأمطار، تلك التفاصيل المؤلمة لم تكن تختبرها “عزيزة” في منزلها بريف حلب، قبل نزوحها إلى شمال إدلب منذ ست سنوات.

تفتقر حياة غالبية النساء اللواتي يسكن في المخيمات إلى بعض الأدوات المنزلية، التي تساعد المرأة في شؤون بيتها كالغسيل والطهي وهي أبسط مقومات الحياة التي يجب توفرها في كل منزل.

تقضي “ربيعة” معظم وقتها في غسيل الملابس لأطفالها على يدها، تقول لمنصة SY24: “لم أغسل على غسالة كهربائية منذ نزوحي من خان شيخون، تركت في منزلي جميع الأدوات الكهربائية التي اشتريتها، ونجوت بأطفالي بعيداً عن القصف والموت، ولكن الحياة الصعبة في المخيمات لا تقل ألماً عما كنا نعيشه”.

تسبب الغسيل اليومي بآلام في أعصاب يدي “ربيعة”، ولا قدرة لديها لشراء غسالة وبطارية كبيرة وألواح طاقة شمسية، لتوليد الكهرباء والتخلص من عناء الغسل اليدوي.

تقول الناشطة الاجتماعية “سوسن الطويل” لمنصة SY24 من خلال عملها الميداني كعاملة دعم نفسي اجتماعي، في المخيمات العشوائية، إن “المرأة السورية قد واجهت بعد نزوحها من منزلها، واقعاً جديداً مليء بالتحديات والمصاعب، لم تستطيع التكيف معه بسهولة، وهذا ما سبب لها ضغطاً نفسياً كبير، نتيجة خوفها الدائم من ديمومة هذا الوضع أو عدم إيجاد حل بالإضافة إلى الأمراض الجسدية التي تصيبها نتيجة قيامها بأعمال مجهدة”.

ويعيش في مخيمات الشمال السوري حوالي مليوني شخص بحسب منسقو الاستجابة، يسكنون في 1489مخيماً، ويبلغ عدد النساء 453829 امرأة.

يشار إلى أن الحملة العالمية للعنف ضد المرأة التي تنتهي في العاشر من كانون الثاني، تتناول مختلف أشكال العنف الجسدي واللفظي والنفسي والجنسي التي تتعرض لها المرأة، حسب ما أقرته الأمم المتحدة، غير أنها غفلت عن وضع المرأة السورية في المخيمات التي تعيش ظروفاً قاهرة جعلتها تختبر جميع أنواع العنف دفعة واحدة.

مقالات ذات صلة