تشهد أحياء مدينة ديرالزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية والمحلية الموالية لها، انتشاراً كثيفاً لدوريات وعناصر الشرطة المدنية والعسكرية، وذلك بغرض ملاحقة المطلوبين والمتخلفين عن أداء الخدمة الإجبارية في جيش النظام.
فعلى الرغم من إعلان النظام السوري عن استمرار عملية “المصالحة الطوعية” وتسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمة الإجبارية في جيش النظام، والتي أطلقها منذ نهاية العام الماضي في مدينة ديرالزور والأرياف المحيطة بها، إلاّ أنّ الإقبال الضعيف من الشباب على هذه المصالحة دفع الأجهزة الأمنية التابعة للنظام إلى ملاحقة المتخلفين منهم، بغرض سوقهم إلى الخدمة الإجبارية.
حيث اعتقلت الأجهزة الأمنية “عناصر المصالحات” الذين قاموا بتسوية أوضاعهم لدى النظام، بغرض سوقهم إلى الخدمة الإجبارية، وذلك بعد أن قامت “الدوريات المشتركة” بمداهمة عشرات المنازل واعتقال عدد منهم، أثناء محاولتهم مغادرة المدينة، وقامت بنقلهم إلى فرع الشرطة العسكرية في مدينة ديرالزور تمهيداً لسوقهم إلى “معسكرات تدريبية مغلقة”.
مصادر خاصة أكدت لمنصة SY24، أن “دوريات مشتركة مؤلفة من الشرطة المدنية، والشرطة العسكرية، وعناصر من فرع الأمن العسكري، قاموا بنصب عدة حواجز طيارة عند دوار الدلة، على مدخل المدينة الشمالي، وأيضاً بالقرب من معسكر الطلائع عند مدخل المدينة الغربي، بالإضافة إلى عدة حواجز عند مداخل الشوارع والأسواق الرئيسية فيها، واعتقلت عددا الشباب الذين قاموا بإجراء مصالحات طوعية في وقت سابق لدى النظام السوري”.
وأشارت المصادر ذاتها، إلى قيام “الدوريات المشتركة” بنقل المعتقلين إلى فرع الشرطة العسكرية وسط مدينة ديرالزور للتحقيق معهم، ومن ثم نقلهم داخل شاحنات عسكرية مغلقة إلى “معسكر الطلائع” عند مدخل المدينة الغربي، والذي تتخذه قوات النظام السوري مقراً لها منذ بداية الثورة السورية.
في حين نوهت المصادر الخاصة، إلى قيام قوات النظام السوري بإخضاع جميع المعتقلين من “عناصر المصالحات” إلى دورة تدريبية مغلقة داخل المعسكر وتدريبهم على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، تمهيداً لنقلهم بعدها إلى نقاط الحراسة المتقدمة في عمق البادية السورية، أو لحراسة حقول النفط الموجودة في محيط المدينة، والتي شهدت عدة هجمات مسلحة قام بها تنظيم داعش خلال الآونة الأخيرة.
“عدي المحمد” اسم مستعار لشاب من ديرالزور قام بإجراء مصالحة مع النظام مؤخراً، قال في حديثه لمنصة SY24: إنه “استطاع الهرب من المدينة باتجاه مدينة دمشق فور قيامه بإجراء عملية المصالحة التطوعية، التي أطلقها النظام السوري، وذلك خوفاً من اعتقاله وسوقه إلى الخدمة الإجباري لاحقاً”.
وذكر في حديثه: “أنا متخلف عن الخدمة الإجبارية منذ أكثر من ثماني سنوات، ولكن الشرطة العسكرية لم تستطع اعتقالي كوني منتسب لميلشيا الحرس الثوري الإيراني، ولكن بعد تعرض مواقع الميليشيا للقصف أكثر من مرة تركت العمل هناك خوفاً على حياتي”.
وتابع قائلاً: “ذهبت إلى الصالة الرياضية منذ أول يوم لإجراء التسوية مع النظام واستطعت الحصول على وثيقة تسوية، لأقوم بعدها بحجز تذكرة سفر إلى دمشق والهروب إلى هناك لأني علمت أن سيئاً سيحدث لي إن بقيت”.
وأضاف أن “النظام غدر بجميع الشباب الذي أجروا مصالحة طوعية معه في مدينة ديرالزور، وخصوصاً الذين يعملون لدى الميلشيات الإيرانية وميليشيا الدفاع الوطني، حيث تم إخضاعهم جميعاً لدورة تدريبية في معسكر الطلائع وفرزهم إلى البادية السورية، ليلاقوا مصيرهم المجهول أمام هجمات تنظيم داعش المستمرة هناك”.
وفي سياق متصل، أشارت مصادر محلية إلى مقتل الشاب “صدام محمود الحسن” تحت التعذيب في سجن صيدنايا العسكري، وذلك بعد اعتقاله من قبل دورية تابعة للأمن العسكري، عند وصوله إلى مدينة ديرالزور قادماً من مدينة حلب، بغرض إجراء “مصالحة طوعية” مع النظام السوري، وينحدر الشاب من بلدة “البوليل” في ريف ديرالزور الشرقي.
يشار إلى أن النظام السوري، أعلن العام الماضي، عن إجراء ما أسماها “مصالحة وطنية” في ديرالزور والمدن والبلدات المحيطة بها، وذلك لجميع الشباب المتخلفين عن أداء الخدمة الإجبارية في جيش النظام والمطلوبين لها، بشرط “أن لا تكون أيديهم ملطخة بالدماء”، على حد تعبير حكومة النظام.