تشهد مناطق سيطرة النظام السوري في محافظة ديرالزور، تنافساً شديداً بين الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية، ليس فقط على النفوذ والسلطة، وإنما على فرض الإتاوات المالية على جميع السلع التجارية والغذائية التي تدخل إلى المحافظة، ما تسبب في ارتفاع أسعارها في السوق المحلية وازدياد معاناة الأهالي.
حيث ازداد نفوذ الفرقة الرابعة في المدينة، بعد قيام نظام الأسد بتعيين اللواء “جمال محمود يونس” رئيساً للجنة الأمنية والعسكرية فيها، والذي كان ضابطاً في الفرقة الرابعة ويكن الولاء المطلق لقائدها ماهر الأسد، شقيق رأس النظام السوري بشار الأسد.
وتنتشر حواجز الفرقة العسكرية على جميع الطرق والشوارع الرئيسية الواصلة بين قرى وبلدات ريف ديرالزور الشرقي والغربي، وأيضاً عند المعابر النهرية التي تصل مناطق النظام بمناطق سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” على الضفة الشرقية لنهر الفرات.
في الوقت الذي تفرض فيه هذه الحواجز المتواجدة على مداخل المدن الرئيسة في المحافظة، إتاوات مالية ضخمة على الشاحنات القادمة من بقية المحافظات السورية، وأيضاً على المدنيين الراغبين بالوصول إلى مناطق سيطرة “قسد” عبر المدينة.
بينما تراجع دور الميليشيات الإيرانية والحواجز التابعة خلال الأشهر الماضية وخصوصاً في ريف ديرالزور الشرقي، وذلك بعد تلقي هذه الميليشيات عدة ضربات جوية من الطيران الأمريكي والإسرائيلي، ما أجبرها على سحب عدد من هذه الحواجز وتسليمها للفرقة الرابعة والأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري.
حيث يتركز نشاط حواجز الميليشيات الإيرانية في مدن وبلدات ريف ديرالزور الشرقي وخصوصاً مدينتي الميادين والبوكمال، واللتان تعدان نقاط الارتكاز لهذه المليشيات، لاحتوائها على أضخم المقرات العسكرية ومستودعات الأسلحة والذخائر في المنطقة.
وتفرض الميليشيات الإيرانية إتاوات مالية تصل أحياناً إلى أكثر من مليون ليرة سورية، على شاحنات الخضار والمواد الغذائية والسلع التجارية التي تدخل مدينة البوكمال، ما تسبب في غلاء ثمن هذه السلع في السوق المحلية.
فيما تجبر كل من مليشيا فاطميون الأفغانية، وميليشيا الحرس الثوري الإيراني المدنيين الراغبين باستعمال المعابر النهرية التي تقع في مناطق سيطرتهم من أجل السفر الى مناطق سيطرة “قسد” على الضفة المقابلة لنهر الفرات، بدفع رسوم مالية تصل إلى أكثر من 5 آلاف ليرة سورية للشخص الواحد.
يقول “علي”، وهو اسم مستعار لشاب يعمل في تجارة المواد الغذائية بين ديرالزور وبقية المحافظات السورية، إن “إدخال السلع التجارية إلى محافظة ديرالزور أصبح شبيهاً بإدخال قطعة من السكر إلى جحر نمل، لأن الجميع يتقاسم أرباحها قبل أن تباع، ما يتسبب في رفع الأسعار في السوق المحلية”، على حد تعبيره.
وفي حديثه لمنصة SY24 قال الشاب: “تبدأ معاناتنا مع أول حاجز تابع للفرقة الرابعة عند مدخل ديرالزور، والذي يفرض ملايين الليرات على الشاحنات يومياً للسماح لها بالعبور، ويمنع من يرفض الدفع من العبور حتى تفسد بضاعته”.
وتابع “وعند وصولنا إلى ريف ديرالزور الشرقي، تبدأ حواجز الميليشيات الإيرانية بالظهور، ويبدأ معها دفع الرشاوي بالملايين للسماح لنا بالعبور أيضاً، إلا أنها تصادر الشاحنات التي ترفض الدفع، بحجة عدم وجود أوراق رسمية أو فواتير نظامية، لتقوم ببيعها في السوق المحلية بنفسها”.
وأضاف “حتى الماشية لم تسلم من الميليشيات الإيرانية التي صادرت خلال الأسابيع الماضية المئات من رؤوس الغنم والبقر بحجة أنها مسروقة، وقامت بنقلها إلى العراق وبيعها هناك بأسعار مضاعفة”.
وتشهد الأسواق المحلية في جميع المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية المحلية الموالية لها في محافظة ديرالزور، ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار جميع السلع الغذائية والتجارية، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها أبناء المنطقة، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وانخفاض قيمة الدخل الفرد اليومي مقارنة أسعار هذه المواد.