ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، مساء أمس الثلاثاء، بخبر وفاة فتاتين في منطقة الفوعة شمال إدلب، أعمارهما بين 13_ 15 عاماً، إحداهما متزوجة وأم لطفلين، والأخرى عزباء.
ورجّحت مصادر أن يكون سبب الوفاة “الانتحار” عن طريق تناولهما حب الغلة أو “الفوسفين”، وهو حب سام يستخدم كمبيد للحشرات والقوارض، ويعرف أيضاً في المنطقة باسم حبة “الغاز”. ، في حين لم يعرف السبب الحقيقي والمؤكد وراء موت الفتاتين، إن كان انتحاراً بتناول حبة الغاز القاتلة أو التسمم جراء تناولهما مادة أخرى.
مصدر مقرب من أهالي الفتاتين أكد لمنصة SY24، أن الوفاة لم تتم في آن واحد، موضحا أنه وبعد إسعافهما إلى المستشفى توفيت إحداهما على الفور والأخرى في صباح اليوم التالي.
وأكد المصدر أن “حالة العائلة المادية جيدة وبالتالي ليس الفقر هو سبب الانتحار كما تم تداوله في الأخبار”.
وأضاف أن “العائلة تفاجأت باستفراغ الفتاتين بعد تناولها الفطور صبيحة أمس، حيث تم إسعافهما فورا إلى مستشفى بنش”.
ونفى الوالد حسب المصدر المقرب منه، وجود مادة حبة “الغاز” في المنزل، لافتا إلى أن سببت الوفاة ما يزال مجهولاً بالنسبة لهم حتى الآن.
وليست هذه الحادثة الأولى من نوعها في شمال سوريا، التي تُستخدم فيها حبوب “الفوسفين” كوسيلة انتحار بين أبناء المنطقة، مدفوعين بأسباب وضغوط نفسية، سببها قد يكون الفقر والنزوح وضيق الحياة المعيشية، ما يؤدي إلى التفكير بإنهاء تلك المعاناة عن طريق الانتحار، حسب ما تؤكد مصادر مختصة متطابقة.
ماهي حبة الغاز وكيف تتوفر بتلك السهولة؟
تواصلت منصة SY24 مع الطبيب الصيدلي “مالك زيدان” للحديث عن خطورة هذه المادة والذي قال موضحاً: “تطلق حبة (الغلة) كما تعرف في الصيدليات الزراعية، غاز الفوسفين شديد السمية، الذي يسمى علمياً (فوسفيد النيتروجين)، إذ تتفاعل الحبة فور دخولها إلى معدة الشخص، مع المياه أوعصارة المعدة، وتنتج بالجسم غاز سام، يؤدي إلى إتلاف الكبد وباقي أجهزة الجسم”.
وأضاف أن “الغاز يتسبب في توقف أجهزة الجسم تباعاً، ولذلك يسمي بـ (القاتل الصامت) حيث لا توجد أعراض سريرية واضحة له، ولا يوجد علاج أو ترياق مضاد له، و500 ملغ منه كفيلة بقتل إنسان فور تناوله”.
وحذّر الطبيب من إعطاء المريض المياه، “لأنه يساعد على سرعة التفاعل وإطلاق غاز الفوسفين شديد السمية”، حسب تعبيره.
ويعد “حب الغاز” أرخص وأسرع وسيلة للانتحار حسب ما يشاع عنه، وأكد الطبيب أن ثمن القرص الواحد منه لا يتجاوز ليرة تركية، وهو بمتناول الجميع كونه متوفر في الصيدليات الزراعية وأماكن بيع المبيدات الحشرية.
وسجلت الأعوام الأخيرة كثير من حالات الانتحار بين الأهالي في الشمال السوري، كان معظمها بأقراص “حبة الغلة” رغم منع بيعها في الصيدليات العامة واقتصارها على الزراعية فقط.
وحول ذلك يقول “أبو محمد “أحد الصيادلة الزراعيين في المنطقة لمنصة SY24، إن “حبة الغاز تستخدم في جميع دول العالم، باعتبارها مبيد حشري آمن على الحبوب المخزونة كالقمح والفاصوليا، ولا تسبب ضرراً على صحة الإنسان، كونها لا تترك أثراً باقياً على الحبوب”.
وأضاف أن “الاستخدام الخاطئ من قبل بعض الأشخاص واستعمالها وسيلة قتل وانتحار، جعلت أضرار هذه المادة أكثر من نفعها”، مبينا “حرصه على عدم بيعها للمراهقين والأطفال والاستفسار عن سبب شرائها من قبل الأهالي”.
يذكر أن الأهالي في مناطق الشمال السوري يعانون من ظروف معيشة قاسية سبيها الفقر والنزوح وقلة فرص العمل، إضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي.