“قمت كبقية الفلاحين بزراعة القمح، ولا أعلم إن كنت سأحصد هذه السنة أم لا، لا خيار لدينا إلا الزراعة”، بهذه الكلمات بدأ المزارع “علي الحسين”، حديثه مع منصة SY24، مؤكدا أن العشرات من المزارعين في الرقة، يتخوفون من القحط هذا العام، دون أن يكون هناك إنتاج ويذهب عملهم هباءً منثوراً حسب قوله.
يخبرنا أن تأخر الأمطار كثيراً هذا الموسم، إضافة لانقطاع الري المستمر بسبب الأعطال الكثيرة التي تتعرض لها قنوات الري بشكل شبه يومي يجعل التخوف من ضعف الإنتاج، يراودنا بعد الزراعة والتعب.
المزارع الخمسيني “علي الحسين” من ريف الرقة الغربي، كانت زراعة أرضه هذا العام مغامرة كبيرة على حد قوله، إذ زرع ما يقرب 80 دنماً من القمح في ظل ضعف اقتصادي يعانيه غالبية الفلاحين، الذين يلجؤون للدين، ليتمكنوا من زراعة أراضيهم بالمحاصيل الشتوية المناسبة، للخروج من حالة الركود المادي في فصل الشتاء.
يقول في حديثه: “استدنت من تاجر للقمح معظم كمية البذار، إضافة للسماد الغالي جداً مقارنة بالسنوات الماضية، إذ تبلغ تكلفة زراعة الأراضي 6400 دولاراً، ولم أكن أملك منها سوى 2500 فقط”.
حيث تصل كلفة زراعة دونم قمح واحد 80 دولار بما فيها ثمن البذار، والسماد، والمبيدات الحشرية، التي يعاني المزارعون من رداءة الأنواع الموجودة في السوق، وغلا الجيد منها، وأضاف أن إغلاق المعابر أحياناً يزيد من معاناتهم في الحصول على الأصناف الجيدة من المواد المُحسنة للزراعة، والتي يأتي معظمها من تركيا، والعراق ومناطق النظام.
وبحسب لجنة الزراعة التابعة لمجلس الرقة المدني فإن ما يقارب 430 ألف دنم من أراضي مدينة الرقة مزروعة بالقمح هذه السنة، تعتمد في ريّها على قنوات الري، و رُبع هذه الكمية مزروعة بعلاً تعتمد على الأمطار وعلى الآبار الارتوازية التي حفرها أصحاب الأراضي في محاولة منهم للإستفادة منها، وخصوصاً بعد تخصيص لجنة المحروقات كمية من الوقود لمحركات الديزل المركبة على تلك الآبار.
ومن جهة أخرى يلجأ معظم المزارعون لزراعة كميات قليلة من أراضيهم تخفيضاً للخسارة في حال وقوعها، معتمدين في ذلك على القراءة الأولية للمناخ بشكل عام، وعلى تجاربهم القديمة في سنين القحط وانقطاع الأمطار.
تُشكل زراعة القمح في مدينة الرقة، بحسب “الحسين”، العصب الرئيسي للاقتصاد كموسم شتوي مع 10 في المئة، من زراعة الشعير في الشتاء، وخاصةً بعد ارتفاع سعر القمح الذي حددته الإدارة الذاتية بـ مليون ومئة ألف ليرة سورية للطن الواحد العام الماضي، ويتوقع المزارعون أن يزيد سعره هذا العام مقارنة بالكميات المزروعة وقلة الإنتاج التي يتوقعونها.
وبحسب رئيس هيئة الإقتصاد في الإدارة الذاتية “أمل خزيم” فإن 180 ألف طن فقط ، كل ما استلمته الإدارة من القمح في العام الماضي، في حين احتياج الإدارة الذاتية بجميع مناطقها حوالي 700 ألف طن تقريباً، الأمر الذي يزيد من مخاوف الناس بشكل عام من النقص في مادة القمح هذه السنة مقارنةً مع وفرة المحصول في العام الماضي، والذي سينعكس سلباً على توافر مادة الطحين.
وكانت هيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية قد أصدرت في نيسان من العام 2021 قراراً يقضي بمنع التجارة بمادة القمح أو نقلها واحتكارها، وإلزام المزارعين بتوريد محاصيلهم الزراعية إلى المراكز الأربعة التابعة لها والمخصصة لذلك وهي مراكز، “جروة، السلحبية، كُبش ومركز شنينة” في الريف الشمالي من المدينة.