“لم تكن الثورة السورية ثورة على طغيان البعث، والنظام السوري بل كانت شعلة للحياة بشكل كامل، و نوراً اتخذه الشباب وهجاً لطموحاتهم التي كانت قد بدأت تكبر يومياً بعد يوم” بهذه الكلمات بدأ المهندس “حسن الشعيب” لقائه الخاص مع منصة SY24 للحديث عن قصة نجاحه، التي ربطها بالثورة السورية، وكانت بوصلته الوحيدة في توجيهه نحو النجاح.
يقول لنا: “انطلاق الثورة السورية المباركة كان نقطة التحول الأساسية في حياتي، جعلتني أغير نظرتي للحياة وتحدياتها رغم الصعوبات”.
أبدع “الشعيب” في مجال تصميم البرامج، وورشات العمل الجماعي للعديد من المنظمات في الرقة، وأسس أول مركز تعليمي عبر الإنترنت ، إبان فترات الحظر بسبب وباء كورونا الذي شهدته المدينة، واستمر إلى يومنا هذا ليشمل دعم التعليم لجميع المراحل الدراسية.
يقول لنا متذكراً أول خطوات عمله: “كنت في العشرين من عمري، شاب جامعي في السنة الثانية، طموحاتي لا تتعدى أي شاب في مثل عمري، وهي الحصول على منزل وسيارة وحياة كريمة، لكن مع انطلاق الثورة تغيرت نظرتي للعمل والحياة، وأصبح اهتمامي الأول ان المشاركة في بناء بلد آمن حر تتعايش فيه جميع المكونات والطوائف”.
“حسن الشعيب” واحد من عشرات أبناء “الرقة” الذين خاضوا في أحاديث الثورة وذكرياتها بشكل تلقائي، متحدثين عن أيامها الأولى وعن أبرز محطاتها وانتقالاتها، اعتقله النظام السوري في الرقة لمشاركته في المظاهرات، وضربه لعناصر الأمن للدفاع عن الأطفال، حينما تدخل بشكل مباشر لفكهم، فوقع بدلاً منهم”.
يروي لنا أحداث القصة التي لاتغيب عن ذاكرته فيقول :”رأيت ثلاثة أطفال في شارع الوادي المكتظ بالأمن، لم أكن أتوقع أنهم سيصبحون فتيل المظاهرة في ذلك اليوم، إذ تم اعتقالي عندما ضربت أحد عناصر الأمن ووقع مسدسه فتراجعت خوفاً من توجيه تهمة أكبر لي”.
وعن الاعتقال عاش تجربة قاسية إذ حدثنا عن وجوده إلى جانب 53 شاباً معتقلاً في غرفة صغيرة جداً بفرع الأمن السياسي في الرقة، ثم تم تحويل العشرات إلى السجن المركزي”.
وشكل بعد خروجه فريق كرة قدم مقابل عناصر من الجيش الحر آنذاك، الذين كانوا يُنفذون عمليات صغيرة ضد النظام.
كان هذا الفريق وتلك الرؤية التي بدى أن ملامحها اتضحت وهي إما أن تكون مقاتلاً أو أن تكون ثورياً مدنياً سلمياً، هو نواة التفكير لدى”الشعيب” وأنه سيواجه في حياته الجيد والسيء، والقاتل والسارق وغيرهم وعليه أن يتعلم كيف يُفرق بينهم جميعاً.
فبدأ بالانخراط بعيد تحرير المدينة مباشرة مع تنسيقيات الثورة السلمية، ثم تفعيل مبدأ الحوار السلمي بين الجميع لينضم لاحقاً في العام 2013 لدورة تدريبية في تركيا عن الحوار السلمي وحماية المجتمع.
99 سورياً من مختلف المدن والطوائف والأعراق انضموا لتلك الدورة التي جعلت من “حسن” منفتحاً أكثر ونابذاً للسلاح، ومؤكداً على أن الهوية السورية الحقيقية هي الركيزة الأساسية لإيجاد حل لإنقاذ سوريا من الخراب في ظل وجود نظام قمعي على رأس السلطة.
مع تنامي فكرة الحوار والحراك السلمي لدى “حسن” سيطّر تنظيم داعش على الرقة ليبدأ ملاحقة الناشطين “أهل الرايات البيضاء” كما أسماهم التنظيم وعلى رأسهم “حسن” الذي كان قد خرج مظاهرات كثيرة ضد التنظيم وكان أول من أطلق شعار” لا للثام” الذي طالب من خلاله إزالة القناع عن وجوه عناصر تنظيم داعش.
هرب “حسن” من الرقة ليُكمل دراسته الجامعية ويُنفذ أولى مبادرات النجاح التي كان يهدف من خلالها ربط السوريين بعضهم ببعض لتعزيز لغة الحوار والاستماع بين جميع مكونات المجتمع السوري فأطلق “Hill Card” التي عملت على خلق بيئة تعليم منظمة ذاتية ومساحة مشتركة للجميع، تم فيها تعاون مجموعات العمل ودمج المعارف والتشبيك فيما بينها فلاقت مبادرته نجاحاً كبيراً على مستوى التعليم ومستوى انفتاح الشباب من جميع المكونات مع بعضهم.
انطلق الشاب “حسن” نحو مخيم عين عيسى في عام 2017 مع بدء المعارك في مدينة الرقة، ليُقدم الدعم المعنوية واللوجستي لأهالي المخيم، وينضم فريقاً تطوعياً لمساعدة الوافدين الجدد من أهالي الرقة في نصب الخيام، تأمين المياه وغيرها.
وبعد تحرير الرقة من تنظيم داعش سارع “حسن” كما قال للعمل في مجال التدريب والتقييم للشباب الذي يعرف مهارته بشكل جيد، ليُطلق عليه أقرانه لقب “حسن أبو المبادرات” التي لعب دوراً أساسياً في تدريب شباب الرقة عليها في جميع المجالات الإنسانية منها والعملية والزراعية والتعليمية ليصل به المطاف لتأسيس منصة “Kids College” للتعليم الافتراضي للأطفال لتكبر منصته لاحقاً وتُنجب منصة “Youth College” لتقديم الدروس المجانية لطُلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية بخيرة معلمي الرقة المتطوعين.
وآخر ما أنشأه “الشعيب” مؤسسة Tap Top للاستشارة والتدريب التي تقدم التدريب للأفراد والمنظمات العاملة في الرقة للوصول إلى أقصى حد من الفعالية والإيجابية والمساعدة للناس في الرقة.
وفي سؤال مراسلنا له عن رؤيته للوضع العام في سوريا قال: أصبحت أنظر إلى سوريا كمجتمع وليست كأفراد، حلمي أن يجتمع السوريون على زرع غرسة واحدة تكون نواة تجمعهم، أو الاتفاق على لوحة واحدة ملونة تجمعهم كلهم، أتمنى أن يتواصل السوريون بعضهم مع بعض كأفراد بعيداً عن الكيانات السياسية المختلفة.