ما يشبه الدكاكين في المخيمات.. البيع بالدين والربح مؤجل

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

في النصف الآخر من غرفة الشقة السكنية التي انتقلت إليها “أم حسن” منذ أشهر في مخيم رحماء بكفرلوسين شمالي إدلب، وضعت قاعدة حديدة تتسع لعدة رفوف فوق بعضهم البعض، شغلت مساحة ضيقة من غرفة المنزل الذي لا يتجاوز غرفتين بالأصل، لتفتح دكانها الخاص لبيع المواد الغذائية وبعض المنظفات لباقي سكان المخيم.

سكنت “أم حسن” مع أولادها الأربعة وزوجها المريض في المخيم منذ تسعة أشهر، استطاعت بهذه الفترة أن تملأ جميع رفوف دكانها الصغير، والذي أصبح مصدر رزق بسيط لعائلتها حسب قولها.

تقول في حديثها إلينا، “مرض زوجي وعجزه عن العمل دفعنا للتفكير بمصدر رزق يعنينا داخل مكان سكننا، بالرغم من وضعنا المادي الصعب استطعت شراء كمية مقبولة من السلع وافتتاح الدكان، وأقوم بنفسي بالبيع والشراء”.

تعتمد “أم حسن” في تسجيل حسابات البيع والشراء على ابنها ذو العشر سنوات، كونها لا تجيد القراءة والكتابة، ولكنها سريعة الفطنة في حساب الأسعار شفهياً حسب تعبيرها.

سهل وجود دكاكين صغيرة في المخيمات وأماكن التجمعات السكنية المتطرفة والبعيدة عن مراكز المدن، وصول السلع والمواد الغذائية إلى أهالي تلك المخيمات، رغم قلة المواد الموجودة والتي لا تتجاوز عدة أصناف أحياناً ولكنها تفي بالغرض حسب من التقيناهم من الأهالي.

تقسم “أم حسن” غرفتها قسمين، لنتمكن من فتح دكانها ضمن المنزل رغم ضيق المكان، حيث تتوزع علب الحلاوة والقهوة والبسكويت على أحد الرفوف، وتعلق أكياس الشبس والبطاطا على الجدار، فيما تصطف باقي المواد الغذائية داخل مرطبانات مختلفة الأحجام في داخلها الشاي والسكر والأرز وغيرها من المواد الغذائية والضرورية لأي دكان.

فيما يتحول القسم الآخر من الغرفة إلى مضافة مؤقتة تستقبل نساء المخيم، وتجلس معهن أثناء قدومهن لشراء الحاجات، وتصنع لهن القهوة وتتبادل الأحاديث اليومية المكررة حسب قولها.

أما الزبائن الدائمين الذين لا يلتزمون بموعد فتح وإغلاق الدكان فهم الصبية الصغار، الذين يسارعون في ساعات الصباح الباكر وبحوزتهم نقود معدنية لشراء البسكويت أكياس الشبس والسكاكر وقطع الحلوة التي لاتخلو دكانها منهم.

لا واجهة تعلو دكان “أم حسن” ككثير من الدكاكين الصغيرة التي تفتح في المخيمات، ولا إضاءة تكسر عتمة الليل، وتكتفي النسوة بإعلانات مجانية عن البضائع الموجودة، مع التركيز على الأسعار والمرابح ومقارنتها بأسعار المحال التجارية في الأسواق.

“ابتسام 34” عام أرملة تسكن مع أطفالها الثلاثة في أحد المخيمات، تخبرنا أن وجود دكان متواضع في المخيم يسهل عليها مشقة الحصول على حاجاتها اليومية وخاصة أنها بلا معيل والمخيم يبعد مسافة كبيرة عن المحلات التجارية.

تقول لنا: “اشتري معظم حاجاتي من الدكان الموجود في مخيمنا، واعتمد على الشراء بالدين إلى حين توفر المال اللازم لسداده أول بأول، وهذه الميزة لا تتوفر في المحلات التجارية الآخرى التي ترفض البيع بالدين”.

إذ تعتمد معظم الدكاكين الصغيرة على فتح حسابات لعدد من الأهالي لبيعها السلع بالدين، وخاصة أن الظروف المعيشية التي يعيشها سكان المخيمات صعبة جداً وتضطر معظم الدكاكين إلى البيع بالدين لجميع أهالي المخيم.

غير أن البيع بالدين كما أخبرتنا “أم حسن” يؤدي إلى عجز في حسابات البيع، لاسيما أن رأس المال صغير جدا ولا يتحمل تبعات الدين والخسارة وهذا ما حدث معها أول افتتاحها الدكان”.

ليست فقط المواد الغذائية التي تشغل مساحات من غرف المنازل أو الخيام، بل وجدت “سميرة” 45 عام ببيع الأدوات المنزلية ومواد المطبخ والمنظفات فرصة لتحسين وضعهم المعيشي وفتح باب رزق بسيط حسب قولها، بعد نزوحهم من ريف إدلب الجنوبي إلى أحد مخيمات أطمة شمالي إدلب.

تقول لنا “: حصل زوجي على أدوات منزلية من قبل تاجر لبيع الجملة وافترش بهم جزء من غرفة المنزل، بعد أن توقف عمله قبل رمضان في أحد مطاعم الفلافل الشعبية، فكان لابد من البحث عن مصدر رزق ولو بسيط”.

تلجأ “سميرة” إلى نشر صور المواد والأدوات على جوالها، لعرضهم على باقي سكان المخيم لتحقيق نوع من الترويج للبضاعة، تقول لنا: ” تفضل النساء هذه المنتجات وتلفت انتباهها، ولاسيما أدوات المطبخ والمنظفات، ومعظمهم لا تستطيع الذهاب إلى السوق لشراء حاجتها وتجد طلبها في هذه البسطة الصغيرة”.

فرضت بيئة العيش في المخيمات والتجمعات السكنية، البحث عن مصادر رزق في تلك الأماكن، وحل لمشاكل البعد عن مراكز المدن وعدم توفر المواصلات وصعوبة التنقل بين المناطق ولا سيما على النساء، في اجتراح حلول تناسب الوضع الحالي لهم.

مقالات ذات صلة