تشهد مدينة ديرالزور الخاضعة لسيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية والمحلية الموالية له أزمةَ محروقاتٍ حادة، مع توقف عمليات توزيع المازوت المخصص للتدفئة على المواطنين قبل إتمام مستحقاتهم من الدفعة الثانية، وتناقص عدد صهاريج المحروقات التي تدخل إلى المدينة بشكل يومي، وفرض الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية إتاوات مالية على المحروقات التي يتم تهريبها من مناطق “قسد” بشكل غير قانوني.
أزمة المحروقات الحادة في المدينة انعكست بدورها على قطاع المواصلات العامة والخاصة فيها، ما أثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين، مع غياب شبه كامل لحافلات النقل الداخلي العامة وارتفاع تعرفة الركوب في حافلات النقل الداخلي الخاصة “ميكروباص”، ناهيك عن غلاء ثمن تعرفة ركوب سيارات الأجرة داخل أحياء المدينة وخارجها.
حيث دفعت هذه الأزمة أهالي مدينة ديرالزور لابتداع وسائل نقل جديدة تغنيهم عن وسائل النقل التقليدية التي أصبحت غير متوفر في المدينة، وخصوصاً طلاب وموظفي بعض كليات جامعة الفرات والتي تقع خارج المدينة، الأمر الذي يضطرهم في كثير من الأحيان إلى المشي لأكثر من 15 كم يومياً للوصول إلى منازلهم، في ظل دعوات أهلية لمؤسسات النظام الحكومية لإيجاد حل لهذه المشاكل.
مصادر محلية في المدينة تحدثت عن قيام عدد كبير من الشباب والموظفين باستعمال الدراجات الهوائية في تنقلاتهم داخل المدينة وأيضاً للذهاب إلى عملهم أو إلى جامعاتهم، لعدم توافر وسائل النقل العامة وارتفاع تكلفة الركوب بوسائل النقل الخاصة وسيارات الأجرة.
المصادر ذاتها أشارت إلى قيام عدد من الشباب بالتعلق وراء شاحنات النقل الكبيرة وتسلق سيارت الخضار وحتى عربات نقل القمامة للوصول إلى وجهتهم، في محاولة منهم توفير أكبر قدر ممكن من الأموال في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعانون منها.
“عمر الابراهيم”، طالب في كلية الاقتصاد بمدينة ديرالزور وأحد سكان حي الموظفين، ذكر أنه “كان يسير بشكل شبه يومي إلى كليته التي تقع مقابل مشفى الأسد خارج المدينة، والتي تبعد عن منزله أكثر من 12 كم، في ظل غياب وسائل النقل العامة وعدم مقدرته على تحمل تكلفة سيارات الأجرة الباهظة، الأمر الذي دفعه للتفكير بوسيلة نقل أخرى تغنيه عن هذه الوسائل”.
وقال الشاب في حديثه لمنصة SY24: “قمت بإخراج دراجتي الهوائية من المخزن وأصلحتها وبدأت استعمالها في الذهاب إلى جامعتي، على الرغم من نظرات الاستهجان التي رأيتها على أعين بقية الطلاب بدايةً، إلا أن هذه النظرات تغيرت بعد أن أصبح معظم الطلاب يعتمدون على دراجاتهم الهوائية في تنقلاتهم داخل المدينة”.
وأوضح أن “هذه الوسيلة لا تصلح في أي وقت وخصوصاً في الشتاء، الأمر الذي دفعني للتفكير بطريقة أخرى وهي التعلق خلف سيارات نقل الخضار وسيارات البلدية وأي شاحنة صغيرة ذاهبة بالاتجاه الذي أنوي الذهاب إليه، الأمر الذي أعاد إلي طفولتي نوعاً ما”.
وأضاف أن “النظام وميليشياته أجبرونا على اختراع هذه الطرق أو إعادة إحيائها بسبب ما يفرضه من إتاوات على المحروقات واحتكاره لها وعدم بيعها إلا بالأسعار التي تحلو له، الأمر الذي تسبب بإيقاف عمل عدد كبير من المدنيين والإضرار بمصالحهم الشخصية وبالتالي سينعكس ذلك سلباً على عائلاتهم وعلى المجتمع المحلي بشكل عام”.
ويعاني سكان مدينة ديرالزور من تدني مستوى الخدمات المقدمة لهم من قبل المؤسسات والمديريات التابعة لحكومة النظام في المدينة، وذلك بالتزامن مع فرض عناصر أجهزة النظام الأمنية وميليشياتها المحلية إتاوات مالية ضخمة على جميع السلع والبضائع التجارية التي تدخل المدينة، وخصوصاً المحروقات والطحين والتي تصل إلى المدينة عبر المعابر النهرية غير النظامية، التي تديرها شبكة من المهربين المتعاونين مع النظام السوري وميليشياته المتواجدة فيها.