في غضون أسبوع واحد شهد الشمال السوري حالتي انتحار لشخصين أحدهما لا يتجاوز عمره 16 عاماً، والآخر في العشرينات من عمره، حيث تداولت مواقع التواصل الاجتماعي انتحار الشاب “أحمد الدياب” من قرية بسقلا، مقيم في مخيمات ديرحسان شمال إدلب، يوم أمس الأربعاء.
وقالت مصادر محلية، إن “الشاب لقي حتفه بعد تناوله حبة مادة الفوسفين المعروفة باسم حبة الغاز لينهي حياته، وذلك حسب ما تم تداوله نتيجة الضغط النفسي، والظروف المعيشية الصعبة، وقلة الوعي”.
سبق ذلك بيومين، حسب ما تابعته منصة SY24، حادثة انتحار الشاب “عبدالله رامي خليل” في مدينة سلقين بريف إدلب، فيما لم يعرف السبب الحقيقي وراء انتحاره، رغم تداول إشاعات حول إقدام الشاب على الانتحار، بعد رفضه من قبل أهل فتاة تقدم لخطبتها، ما دفعه لإنهاء حياته.
تقول عاملة الدعم النفسي الاجتماعي سوسن الطويل في حديث خاص لمنصة SY24 : إن”الضغوط النفسية التي تواجه عدداً من الأشخاص، هي السبب الرئيسي لكثرة حالات الانتحار، بعد وصولهم لمرحلة اليأس والاكتئاب وأقصى حالات الضعف النفسي، تجعلهم يفكرون بأي طريقة لإنهاء تلك المعاناة، ولاسيما عن طريق الانتحار، وبهذه الحالة يجب على ذوي الشخص الذهاب إلى طبيب نفسي مختص لمعالجة المرض والعدول عن فكرة الانتحار”.
وأضافت أن” الوازع الديني، والتحلي بالصبر، لهما دور كبير في التخلي عن فكرة الانتحار كخطوة لمواجهة ضغوط الحياة أو الظروف المعيشية الصعبة”.
ليست هذه الحادثة الأولى من نوعها في شمال سوريا، فقد سجل مطلع العام الحالي حادثتي انتحار لشقيقتين في ريف إدلب، عن طريق تناولهما حبوب “الفوسفين” التي باتت أسهل وأرخص وسيلة انتحار بين أبناء المنطقة، مدفوعين بأسباب وضغوط نفسية، سببها قد يكون الفقر والنزوح وضيق الحياة المعيشية، ما يؤدي إلى التفكير بإنهاء تلك المعاناة عن طريق الانتحار، حسب ما تؤكد مصادر مختصة متطابقة.
ماهي حبة الغاز وكيف تتوفر بتلك السهولة؟
تواصلت منصة SY24 في وقت سابق، مع الطبيب الصيدلي “مالك زيدان” للحديث عن خطورة هذه المادة والذي قال موضحاً: “تطلق حبة (الغلة) كما تعرف في الصيدليات الزراعية، غاز الفوسفين شديد السمية، الذي يسمى علمياً (فوسفيد النيتروجين)، إذ تتفاعل الحبة فور دخولها إلى معدة الشخص، مع المياه أو عصارة المعدة، وتنتج بالجسم غاز سام، يؤدي إلى إتلاف الكبد وباقي أجهزة الجسم”.
وأضاف أن “الغاز يتسبب في توقف أجهزة الجسم تباعاً، ولذلك يسمي بـ (القاتل الصامت) حيث لا توجد أعراض سريرية واضحة له، ولا يوجد علاج أو ترياق مضاد له، و500 ملغ منه كفيلة بقتل إنسان فور تناوله” محذراً الطبيب من إعطاء المريض المياه، “لأنه يساعد على سرعة التفاعل وإطلاق غاز الفوسفين شديد السمية”، حسب تعبيره.
ويعد “حب الغاز” أرخص وأسرع وسيلة للانتحار حسب ما يشاع عنه، وأكد الطبيب أن ثمن القرص الواحد منه لا يتجاوز ليرة تركية، وهو بمتناول الجميع كونه متوفر في الصيدليات الزراعية وأماكن بيع المبيدات الحشرية، لذا فقد سجلت الأعوام الأخيرة كثير من حالات الانتحار بين الأهالي في الشمال السوري عن طريق الحبوب.