تستمر معاناة أهالي ريف ديرالزور الغربي الخاضع لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” من انقطاع مياه الشرب النظيفة عن بلدتهم، على الرغم من ارتفاع منسوب نهر الفرات لهذا العام وتزايد معدل الهطولات المطرية مقارنةً بالعام الماضي، غير أن المشاكل التي تواجه محطات الضخ والتصفية حالت دون وصول المياه إلى منازل المواطنين في معظم قرى وبلدات المنطقة، ما اضطرهم إلى اتباع الأساليب القديمة والبدائية في الحصول على مياه الشرب النظيفة.
أكثر من 2000 عائلة في بلدة “زغير جزيرة” بريف ديرالزور الغربي تعاني من استمرار انقطاع مياه الشرب عن البلدة منذ أكثر من سنتين، على الرغم من تقديمهم عدة طلبات لمجلس البلدية التابع لـ”الإدارة الذاتية”، وأيضاً محاولة عدد من الأهالي القيام بمبادرات شخصية لحل هذه المشكلة، بيد أن هذه الحلول تبقى مؤقتة في ظل إهمال واضح من قبل المجالس والهيئات التابعة لـ”الإدارة”.
إذ عمد بعض سكان القرية على تنقية مياه نهر الفرات باستخدام عدد من قطع القماش يتم وضعها فوق بعضها وتمرير المياه عبرها بغرض تنقيته من الشوائب، ليتم بعدها تسخينه إلى درجة الغليان ومن ثم تقطيره وتبريده من أجل الشرب والطهي، فيما يتم استعمال مياه نهر الفرات بشكل مباشر في الاستحمام وتنظيف المنازل بساقية المحاصيل الزراعية.
في الوقت الذي يعمد فيه البعض الى اتباع هذه الأساليب حتى مع المياه التي يقدمها إلى حيواناته ومواشيه، عقب تعرض بعضها للتسمم نتيجة تلوث مياه نهر الفرات وخصوصاً عند رعيها بالمناطق القريبة من الشاطئ، حيث يتم رمي مخلفات الصرف الصحي وبقايا المواد البلاستيكية وغيرها من المواد السامة، وبالذات في القرى التي تتواجد فيها “حراقات النفط” البدائية التي تعتمد بشكل مباشر على نهر الفرات من أجل عملها.
“عقبة السالم”، أحد سكان بلدة زغير جزيرة بريف ديرالزور الغربي، يقول إن “توقف محطات تصفية المياه تسبب بانتشار عدد كبير من الأمراض وخصوصاً أمراض الجهاز الهضمي، وبالذات لدى الأطفال نتيجة شربهم من هذه المياه، وسط دعوات أهلية للمنظمات الدولية والمحلية لصيانة هذه المحطات أو تركيب أخرى مكانها لحل هذه المشكلة التي تتفاقم بشكل يومي”، على حد قوله.
وقال الشاب في حديثه لمنصة SY24: إن “تكلفة تعبئة خزان المياه من الصهاريج المتنقلة تزيد عن 7000 ليرة سورية، وهو ما لا يستطيع دفعه معظم سكان البلدة التي تعاني أصلاً من ظروف معيشية صعبة نتيجة تردي المواسم الزراعية، ونفوق عدد كبير من المواشي والأغنام خلال السنوات الماضية، لهذا يضطر عدد كبير منهم لاتباع الطرق البدائية في تحلية المياه وتصفيتها”.
وأضاف أن “محطات تصفية وتحلية المياه تحتاج إلى صيانة دورية وتبديل قطع الغيار باستمرار وأيضاً إلى المازوت من اجل تزويد المنطقة بالمياه النظيفة، لكن الإدارة الذاتية ما تزال ترفض صيانتها بحجة أنها غير قادرة على تحمل تكلفة ذلك، بالرغم من أن الاهالي طالبوا بالسماح لهم باستيراد محطات ضخ جديدة من خارج مناطق سيطرتها بشرط عدم فرض أي رسوم جمركية عليها إلا أنها رفضت”.
وتعتبر مشكلة مياه الشرب في قرى وبلدات ريف ديرالزور الغربي إحدى أهم المشاكل التي يعاني منها الأهالي، وخصوصا مع ارتفاع نسبة التلوث بمياه نهر الفرات وعكوف العديد من الأهالي حتى على سقاية محاصيلهم الزراعية من هذه المياه، واعتمادهم على الآبار الأرتوازية خوفاً من تسمم محاصيلهم وحيواناتهم.
في الوقت الذي أجبر فيه أهالي عدد من القرى في المنطقة مثل “الصعوة والكسرة” أصحاب “حراقات النفط البدائية” على الخروج من المنطقة، ونقل حراقاتهم إلى خارج المناطق السكنية وبعيداً عن مجرى نهر الفرات للحد من التلوث البيئي الذي تشهده هذه القرى، ومنعاً لتسرب النفط ومخلفاته إلى نهر الفرات وتسببه بكارثة بيئية خطيرة تعود بنتائج سلبية على سكان المنطقة.