على الرغم من تجاوزها العقد الخامس من العمر إلا أن السيدة “إسعاف بليلو” ما تزال مصرة على إكمال تعليمها الجامعي، بعد أن استطاعت مؤخراً الالتحاق بجامعة الشرق قسم كلية التربية والتي تم افتتاحها مؤخراً، لتكون أكبر طالبة تلتحق بالجامعة إلى الآن، محققة بذلك حلمها في تحصيل الشهادة الجماعة التي لطالما تمنت الحصول عليها طوال السنوات الماضية.
وعزت السيدة “إسعاف” أسباب تأخرها عن الالتحاق بالتعليم الجامعي طوال السنوات الماضية إلى الزواج المبكر، وتحملها مسؤولية تربية الأطفال وعدم وجود الوقت الكافي لإكمال تحصيلها الجامعي، على الرغم من حصولها على شهادة التعليم الثانوي من أول مرة بمعدل جيد، و عملها في مهنة التعليم بمختلف مدارس مدينة الرقة الابتدائية لأكثر من عشر سنوات.
تقول السيدة إسعاف في حديثها لمنصة SY24: “شغفي بالحصول على شهادة جامعية بقي يراودني طوال السنوات الماضية، وبالذات مع استمراري بالعمل بمهنة التعليم في مخيمات النزوح لأطفال المخيمات، وهو ما جعلني مصرة على إكمال تعليمي وتحقيق حلمي الذي لطالما عملت واجتهدت لتحقيقه”.
وتابعت: “مدينة الرقة أنجبت العديد من الشاعرات والأديبات وحتى النساء اللاتي عملن في التجارة والنجارة وغيرها من المهن التي كانت حكراً على الرجال، بالإضافة إلى دخول المرأة الرقاوية في عالم السياسة لتصبح ممثلة عن مدينتها على الصعيدين الداخلي والخارجي”.
وأضافت أن “من يمتلكن الحلم يستطعن الوصول إليه بالعمل الجاد، والتوفيق بين جميع الأعمال والابتعاد عن قاتلي النجاح، الذين يضعون العراقيل دائماً في وجه المرأة الحرة، التي تسعى لتحقيق حلمها حتى ولو كانت بعمر الخمسين الذي لا تراه عائقاً أمام إمكانية حصولها على شهادة جامعية، لأن طلب العلم لا يتعارض مع العمر أبداً، وكثيرٌ من العُظماء لم يُعرفوا حتى تجاوزت أعمار أغلبهم الخمسون عاماً”.
وأوضحت أن “الحلم المرافق للإنسان منذ الولادة حتى الموت هو شعور جميل يعطي الإنسان الأمل بالحياة والعمل والنجاح، ويكون محفزاً للنهوض بالأمم مع العلم المكتسب من مدارس الحياة والمدارس والجامعات الأكاديمية، الضرورية في الوقت الحالي لمدينة عاشت ظروفاً قاسية، لذا أقف اليوم إلى جانب ابنتي وأحضها على إكمال دراستها بعد أن أنهت امتحانات الثانوية العامة وتطمح هي الأخرى أن تكون إلى جانبي على مقعد جامعي واحد”.
والجدير بالذكر أن عشرات الفتيات في مدينة الرقة أُجبرن على ترك دراستهن بعد خروج المدينة من قبضة النظام السوري، الذي نقل كليات جامعة الفرات من الرقة إلى مناطق سيطرته في الحسكة ودير الزور و، انقطاع الطريق بين المدن الثلاثة وصعوبة التنقل بينها، والذي كان أحد أكبر أسباب القضاء على أحلام الفتيات في المدينة، إضافة لمنع تنظيم داعش لهن من الخروج من المدينة لإكمال دراستهن في المدن السورية الأخرى إبان سيطرته على المدينة بين العامين 2014-2017 وكانت تلك المدة كافية للقضاء على أحلام وطموحات فتيات المدينة.