سورية تتفوق في دراستها بعد 10 سنوات من القطيعة 

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

أكثر من عشر سنوات فصلت الشابة “حلمية الطويل” 29 عاماً، عن تحقيق حلمها بمتابعة دراستها، بعد نجاحها بالإعدادية بمعدل عالي، غير أن أيام الحرب والنزوح وقفت حائلاً في إتمام تعليمها الثانوي ودخولها أبواب الجامعة.

في مقابلة خاصة مع منصة SY24، تخبرنا أن هوس الدراسة كان يسيطر على مخيلتها، ولم تستطيع البقاء دون دراسة، إلى أن الظروف لم تكن معها، وبدل من ذلك تزوجت وهي بعمر صغير.

تقول لنا: “كانت الأحداث مشتعلة في بلدتي بريف إدلب الجنوبي، ولم أتمكن من متابعة دراستي، وفضلت عائلتي تزويجي في تلك الفترة ثم انتقلت إلى العيش في دمشق مع زوجي، وبتلك الفترة درست الثانوية في المنزل وقبل الامتحان بمدة قليلة اعتقل النظام زوجي فكانت صفعة قوية لي، لم أتوقع أن يتم اعتقاله، وأنا وحيدة في العاصمة، فحرمت للمرة الثانية من تقديم الامتحان رغم تحضيري الجيد له”.

قضيت فترة صعبة بغياب زوجي في المعتقلات وبعد مدة زمنية خرج من السجن وعدنا إلى البلدة، لنلاقي موجة النزوح الكبيرة التي شهدها الريف الجنوبي، ومعها تبددت أحلامي في متابعة الدراسة.

حرمت الحرب التي استمرت أكثر من عشر سنوات، آلاف الطلاب والطالبات من متابعة تعليمهم، وساهم القصف الهمجي للنظام على المدارس والمنشآت التعليمية في معظم المناطق السورية بخروج المئات منها عن الخدمة، وبدت موجة أمية جديدة تجتاح البلاد.

كانت “حليمة” واحدة من فتيات كثر، تركت تعليمها وتزوجت وأصبحت أم وربة منزل بعمر صغير، وتحملت مسؤولية كبيرة تفوق قدرتها الجسدية والعقلية.

إلا أن طموح “حليمة” وحبها في اللحاق بركب العلم جعل هذه العوائق تتذلل أمام إرادتها وإصرارها.

تكمل حديثها إلينا وتقول، “أنجبت طفلتي الأولى ومرت السنوات، لقيت تشجيعاً من زوجي ووالدي في ضرورة إكمال الدراسة، كونهم يعرفون حبي للعلم واجتهادي حين كنت في المدرسة، فقررت الدراسة في المنزل رغم أننا كنا نسكن ثلاث عائلات في منزل واحد وقت النزوح، بالإضافة إلى الاعتناء بطفلتي الصغيرة”.

اشترت كتب البكالوريا، وبدأت تدرس بشكل مكثف، حالفها الحظ كما أخبرتنا بوجود مدرسة قريبة من مكان إقامتها ، فسجلت بها مجدداً، وعاودت الدراسة أملا هذه المرة في النجاح والتفوق على الصعاب.

في 2019 تقدمت “حليمة” إلى فحص الثانوية بعزيمة قوية، ونجحت بمجموع عالي جداً وحصلت على المرتبة الثالثة على مستوى محافظة إدلب، وتفوقت على ظروفها وأثبتت أن النساء السوريات قادرات على مواجهة الصعاب والنجاح مهما اشتدت المحن.

دخلت “حليمة” كلية التربية قسم الإرشاد النفسي في جامعة إدلب وهي اليوم في السنة الثانية، بعد أن نجحت بتفوق العام الماضي، وكانت من الأوائل على دفعتها، وتطمح أن تكمل جامعتها بذات الشغف والاجتهاد الذي أوصلها إلى التميز.

رحلة “حليمة” الدراسية مثال حي عن مواجهة الواقع، حينما يكون الهدف واضحاً، تتمنى اليوم أن تنهي جامعتها وتدرس ماجستير أيضا في ذات الاختصاص وتشجع جميع النساء والفتيات اللواتي حرمتهم ظروفهم العائلية أو المادية أو ظروف الحرب من إكمال تعليمها أن يعدوا العدة لاتخاذ هذه الخطوة والبدء، فالعمر ليس عائقاً أمام الأحلام وطلب العلم.

مقالات ذات صلة