تشهد معظم أحياء مدينة ديرالزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية والمحلية الموالية له، انقطاعاً مستمراً في مياه الشرب التي تضخها محطات التحلية الموجودة على ضفاف نهر الفرات، ما أثقل كاهل الأهالي في ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة وطول فترات تقنين التغذية الكهربائية التي تصل أحيانا إلى 7 ساعات قطع مقابل نصف ساعة تشغيل.
وعلى الرغم من إعلان مديرية المياه في المدينة عن إصلاح جميع الأعطال وعودة ضخ مياه الشرب إلى هذه الأحياء، إلا أن الأهالي أكدوا استمرار انقطاع المياه في أحياء القصور والجورة وحي فيلات البلدية والجبيلة والموظفين وصولاً إلى دوار الدلة عند مدخل المدينة الجنوبي، ما اضطرهم لشراء المياه عبر صهاريج تعود لأشخاص مرتبطين بأجهزة النظام الأمنية وميليشياته المسلحة المتحالفة معه.
في الوقت الذي تستمر فيه الميليشيات الإيرانية وقوات النظام بمنع الأهالي من الاقتراب من نهر الفرات والاستجمام فيه لتخفيف آثار ارتفاع درجات الحرارة، بحجة وجود نقاط مراقبة ومقرات عسكرية على ضفاف النهر، وأيضاً لـ “حماية الأهالي من أي هجمات قد يتعرضون لها بسبب تواجد قسد على الضفة المقابلة لنهر الفرات”.
مصادر محلية أكدت قيام أجهزة النظام الأمنية باستغلال انقطاع مياه الشرب وقيامها بتوظيف عدد من أصحاب صهاريج المياه لصالحها مع سماحها لهم بتعبئة المياه من محطات التحلية التي تديرها بشكل مباشر وبيعها للمواطنين بأسعار مرتفعة وتقاسم الأرباح فيما بينهم، ما أثقل كاهل الأهالي في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعانون منها، مع تخوفهم من عدم إصلاح أعطال المياه بشكل عاجل لضمان استمرار تجارة المياه المربحة لضباط الأجهزة الأمنية.
أهالي المدينة أعربوا عن غضبهم من تعمد المؤسسات الحكومية والميليشيات الإيرانية التضييق على المدنيين في المدينة لإجبارهم على تركها والرحيل عنها باتجاه مناطق سيطرة “قسد”، أو حتى إلى المدن التي يديرها النظام في الداخل السوري، بهدف “السيطرة على بقية منازل المدنيين وتغيير ديمغرافية المدينة لصالح مشروع طهران في المنطقة”، على حد تعبيرهم.
“مها الصالح”، موظفة في مؤسسة الخدمات الفنية ومقيمة في حي القصور، أكدت أن “المياه ما تزال مقطوعة عن الحي الذي تقطن فيه لليوم الثامن على التوالي، مع رفض مؤسسات النظام إصلاح الأعطال التي تسببت بهذا الانقطاع على الرغم من كمية الشكاوى التي قدمها سكان الحي، والذي يقطنه بعض ضباط وقادة المليشيات المحلية الموالية له، إلا أن المديرية لم تستجب لطلباتهم ولم تصلح الأعطال في شبكة المياه”، على حد قولها.
وقالت السيدة في حديثها لمنصة SY24: “صحيح أن قادة في الميليشيات المحلية وضباطاً في الأجهزة الأمنية يقيمون بهذه الأحياء، إلا أنهم لا يعانون من المشكلة بسبب قيام الصهاريج التابعة لهم بنقل مياه الشرب و تعبئة خزاناتهم بشكل يومي، ما اضطرنا إلى الطلب منهم السماح لهذه الصهاريج بالتعبئة لنا إلا أنهم اخبرونا أنه يجب أن تدفع مقابل هذه الخدمة كما يفعلون هم”.
وأضافت أنه “بينما ما تزال الميليشيات الإيرانية التي تسيطر على معظم ضفاف نهر الفرات تمنع الأهالي من الاقتراب منه والاستجمام فيه كعادتها في فصل الصيف، إلا في بعض النقاط التي تبدو مكتظة جداً بالمواطنين ما تسبب بوقوع عدة مشاكل وشجارات بينهم، ناهيك عن غرق عدد من الأطفال والشباب في مياه النهر”.
وأشارت السيدة إلى أن مشاكل انقطاع المياه والكهرباء عن المدينة مع ارتفاع درجات الحرارة الكبير دفعت معظم الأهالي إلى السفر إلى أقاربهم المتواجدين في ريف المدينة الخاضع لسيطرة النظام، أو حتى الريف الخاضع لسيطرة “قسد” بهدف تمضية فترة الصيف هناك لقدرتهم على الذهاب للسباحة والاستجمام بنهر الفرات لتخفيف آثار الطقس القاسي.
وتعاني مدينة ديرالزور من انعدام معظم الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء وصحة وغيرها من الخدمات الضرورية، بسبب السياسة التي تتبعها حكومة النظام في المدينة بهدف إفراغها من سكانها الأصليين وتوطين عائلات عراقية وإيرانية وأفغانية فيها، وإعطائهم الجنسية السورية بشكل تدريجي بهدف تغيير ديمغرافية المدينة لصالحهم وخاصة مع توسع حملات التشييع التي أطلقتها المراكز الثقافية الإيرانية، والتي استهدفت العشرات من العائلات والأسر التي اضطرت لتبديل عقيدتها بسبب الظروف المعيشية السيئة التي يعانون منها.