شهدت أسعار المستلزمات المدرسية هذا العام ارتفاعاً واضحاً، حتى بلغت تكلفة تجهيز الطالب الواحد في المرحلة الابتدائية أكثر من 200 ألف ليرة سورية، وهو ما يعادل قيمة 3 رواتب موظف حكومي لدى مؤسسات النظام، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الكتب المدرسية بعد قيام مؤسسة المطبوعات المدرسية بإلغاء 50% من قيمة الدعم على الكتب المدرسية لجميع المراحل الدراسية.
ناشطون محليون في مدينة ديرالزور أشاروا إلى أن السوق شهد إقبالاً ضعيفاً من الأهالي لشراء المستلزمات المدرسية الجديدة، وخاصة بدلات المراحل الإعدادية والثانوية ومريول المرحلة الابتدائية “الصدرية”، واتجاه معظمهم لشراء هذه المستلزمات من سوق المواد المستعملة “البالة”، إذ بلغ سعر المريول المستعمل فيه إلى 20 ألف ليرة، في الوقت الذي يبلغ سعر الجديد منه حوالي 70 ألف ليرة، أي ما يعادل راتب موظف لشهر كامل.
في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الدفاتر والقرطاسية المدرسية وبقية المستلزمات الأساسية بشكل كبير، بعد قيام ميليشيا الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية بفرض إتاوات مالية كبيرة على دخول هذه البضائع، ما دفع التجار المحليين إلى رفع أسعارها حتى بات ثمن تجهيز طالب واحد بالدفاتر من نوع متوسط حوالي 35 ألف ليرة سورية.
ارتفاع الأسعار الكبير والمخيف دفع عدد كبير من أهالي مدينة ديرالزور إلى الامتناع عن إرسال أطفالهم إلى المدارس هذا العام وتجهيزهم لزجهم في سوق العمل، وذلك بغية مساعدتهم في المصاريف المنزلية في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تعاني منها المدينة، مع استمرار التضييق الذي تفرضه قوات النظام والميليشيات الأجنبية عليهم.
“مرام الحسين”، سيدة من مدينة ديرالزور وأم لثلاثة أطفال، ذكرت أنها لم تستطع إلى الآن تجهيز جميع أطفالها بالقرطاسية المدرسية وباقي المستلزمات الضرورية لعدم قدرتها على تأمين ثمن جميع هذه المستلزمات، بسبب غلاء الأسعار الذي يشهده السوق وتدني الرواتب التي يتقاضاها زوجها، وبالذات بعد اضطرارهم للنزوح من منزلهم في حي الحميدية والاستقرار في منزل مستأجر بحي الجورة غرب المدينة.
وقالت السيدة في حديثها مع منصة SY24: “ما زلنا إلى الآن نقوم بإيفاء الديون التي ترتبت علينا من تجهيز أولادي للعام الدراسي الماضي، والآن مع اقتراب العام الدراسي الجديد بتنا نفكر في إرسال ولد واحد للمدرسة وإرسال البقية للعمل مع أقاربنا في الصناعة، بهدف مساعدتنا على قضاء ديونا وتحسين أوضاعنا الاقتصادية”.
وأضافت أن “الظروف الاقتصادية السيئة أثرت بشكل كبير على الأهالي والأطفال على حد سواء، حتى بات الجميع يفكر بإرسال طفل واحد من العائلة للمدرسة وإرسال الأكبر عمراً لتعلم المهن الحرفية كإصلاح الكهربائيات وغيرها من المهن الصناعية، والتي باتت تدر أموالاً أكثر بكثير من الأموال التي يحصلها موظفي الدولة أو المدرسين وغيرها من المهن التي تحتاج لتعليم”.
وأوضحت أن “الجميع يريد الأفضل لأطفاله ولكن الظروف المعيشية دفعتنا للتفكير بهذه الطريقة، وبالذات مع التضييق الذي تفرضه قوات النظام ومؤسساته علينا وإلغاء الدعم عن الكتب وإجبار الطلاب على شراء الألبسة المدرسية ومنع من لا يملكها من الدخول للمدرسة، وغيرها من التصرفات التي لا تتناسب مع الظروف التي تعاني منها المدينة وقاطنيها”.
ارتفاع الأسعار أثر بشكل واضح على أصحاب المكتبات ومحلات بيع الألبسة المدرسية الذين أكدوا أن السوق بات يشهد إقبالاً ضعيفاً ما دفعهم لتخفيض الأسعار قليلاً، او البيع بالتقسيط للأهالي بهدف تصريف بضاعتهم وسداد ما عليهم من التزامات للتجار الكبار والموردين، وأيضاً لمنع تكدس هذه البضاعة في مخازنهم خوفاً من تعرضها للتلف أو الحرائق أو غيرها من الكوارث، التي بات الجميع يخاف منها بعد تزايد عدد الحرائق في المدينة بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعدم انتظام التغذية الكهربائية.
والجدير بالذكر أن أهالي مدينة ديرالزور باتوا يعيشون ظروفاً معيشية قاسية في ظل ارتفاع كبيرة وواضح في أسعار جميع السلع والمواد الغذائية والبضائع الأخرى، مع سيطرة المليشيات الإيرانية وميليشيا الفرقة الرابعة على جميع المعابر البرية والنهرية، وفرضهم إتاوات مالية كبيرة على دخول هذه البضائع إلى المدينة، وخاصة تلك التي تدر أموالاً أكثر في موسمها كحال القرطاسية في الموسم الدراسية الحالي، ما أثر بشكل كبير وواضح على الأهالي الذين باتوا يتمنون الهروب من المدينة بأسرع وقت ممكن.