ما الذي يدفع المزارعين إلى بيع أراضيهم في الرقة؟ 

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

 بعد أن كانت المزارع الحِراجية والمثمرة المنتشرة بكثرة على ضفاف نهر الفرات، تشكل مصدر اكتفاء ذاتي لأصحابها، ومنها كان يصدر خارج مدينة الرقة، لوفرة الإنتاج، من مختلف أنواع الفاكهة كالتفاح والإجاص واللوزيات، أصبحت هذه البساتين بفعل الظروف الاقتصادية المتردية مصدر معاناة الفلاحين، حتى أجبر عدد كبير منهم على التخلي عن العناية بها وبيعها. 

وذلك بسبب تعرض تلك المزارع إلى الإهمال من والتخريب إبان الحرب الأخيرة، إضافة إلى هجرة مُعظم أهلها عنها، ما أدى إلى موت المئات من الأشجار والتي يبست من العطش وقلة المياه، بانقطاع مياه الري لها عبر مضخات مياه كانت ترويها من نهر الفرات مباشرةً.

مراسلنا في الرقة ،التقى الرجل الخمسيني “خالد الجمال”، أحد مزارعي الرقة، للحديث عن الوضع، من حيث أخبرنا أن مزرعته كلّفته قبل 15 عاماً أكثر من 30 مليون ليرة ، بمساحة 25 دنماً، لاستصلاحها، مؤكداً على أنها تعرضت للسرقة والتخريب من قبل ما أسماهم “عصابات الحروب” الذين انتهزوا فرصة غياب الرقابة، وقاموا بسرقة كامل سياجها إضافة لمضخات المياه والخراطيم، ناهيك عن اقتلاع أكثر من 50 شجرة كبيرة وبيعها حطب. 

يقول لنا ” كانت لدي واحدة من أروع مزارع المدينة، وكنت الأول في تصدير التمر السوري والبلح، والإجاص الأول، إلا أن مزرعتي دمرت بنسبة 70% وأنا الآن أُفكر جدياً ببيعها”.

ارتفاع أسعار المزارع المثمرة اليوم فتح شهية معظم المزارعين على البيع، باحثين عن فرصة لتعويض خسائرهم الكبيرة، كما يقولون في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، والتي بلغت الملايين من الليرات السورية، في حين يحتاج أكثرهم لآلاف الدولارات لإعادة ترميمها، والانتظار عشرات السنوات للبدء بالإنتاج وهذا ما أثقل كاهلهم وشجعهم على البيع.

خمس سنوات بعد الحرب لم تكن كافية لإقناع “خالد” وغيره من الفلاحين، بإعادة زراعة ما تم فقده، مع الارتفاع المستمر لصرف الدولار مقابل الليرة السورية، والذي سبب عزوف كثيرين عن التعامل بها، مما أثقل كاهل المزارعين بشكل عام ومزارعي البساتين بشكل خاص. 

يقول بحسبة شريعة، “سياج واحد لمزرعتي يُكلفني اليوم لأكثر من 3000 دولار، وبشكل عام تحتاج لأكثر من 15 ألف دولار لاُعيد لمزرعتي شكلها القديم وأنا لا أملك من هذا المبلغ دولاراً واحداً!”.

إذ أن مزرعة “خالد” كانت تُساوي قبل الحرب على مدينة الرقة ما يقرب من 250 ألف دولار، لكنها اليوم تُساوي لأكثر من 600 ألف دولار يأمل خالد بأن يحصل عليها، ليبني مشروعاً جديداً يؤمن من خلاله العمل لأبنائه الثلاثة. 

لم يتلق “خالد” كما أخبرنا أي دعم من أي جهة كانت وخاصة من المشتل الزراعي التابع لبلدية الشعب الذي يحتوي على أنواع كثيرة من الأشجار التي أصبح الحصول على أنواعها الجيدة “حلماً” بالنسبة لخالد وغيره ممن يرون أنفسهم أحد أهم داعمي مدينة الرقة بالفواكه وغيرها والمحافظين على زراعة البساتين الكبيرة والمتنوعة.

يضيف حسب قوله، أن الشجرة الواحدة من النخيل تُكلفه 25 ألف ليرة سوريا، أما اليوم فشجرة واحدة من النخيل الممتاز فيصل سعرها إلى 600 دولار وهذا ثمن باهظ جداً بالنسبة له، في ظل عدم توريد أي منتجات من المزرعة  “المريضة” حسب وصفه. 

وبحسب خالد فإن مُعظم الذين يبحثون عن مزارع لشرائها هم من خارج مدينة الرقة، هم من مدن أُخرى مثل الحسكة والقامشلي، من أصحاب رؤوس الأموال الذين يطمحون للحصول على مزرعة كالتي يملكها “خالد” الذي يرفض بيعها لأحد من خارج مدينة الرقة. 

لما يرى في ذلك “تغييراً ديمغرافياً” وهذا ما يرفضه رفضاً قاطعاً مفضلاً الجلوس في ما تبقى من مزرعته على بيعها، مع تأكيده على تعرضه لمضايقات من “عناصر” لم يُسمها للضغط عليه ليُسهل من عملية البيع.

مقالات ذات صلة