استقبل أهالي طلاب المدارس في محافظة إدلب العام الدراسي بحبوب فارغة، ولاسيما أن المنطقة تعيش أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية، وبعد تكلف الأهالي عناء شراء اللوازم المدرسية، اصطدموا بحائط دفع رسوم التسجيل لطلاب الصف الأول الابتدائي، ورسوم التعاون والنشاط لباقي الصفوف الأخرى، ما أثار موجة غضب واستياء بين الأهالي والناشطين.
وحسب ما رصدته منصة SY24، أكدت مديرية التربية والتعليم التابعة لـ “حكومة الإنقاذ”، فرض مبلغ 100 ليرة تركية كرسوم تسجيل طلاب الصف الأول تدفع عند تسجيل الطالب بداية العام، وخمس ليرات ثمن استمارة، في حين يتوجب على باقي الطلاب دفع مبلغ 100 ليرة أيضا، ولكن على دفعتين، أي خمسين ليرة في بداية الفصل الأول، وخمسين عند بداية الفصل الدراسي الثاني، وذلك بسبب ردة فعل الأهالي الرافضين لدفع المبلغ بشكل عام، بسبب عدم تناسبه مع دخل المواطنين، ولاسيما أن الشريحة الأكبر منهم من عمال المياومة، وأجرتهم اليومية لا تتعدى 50 ليرة يوميا.
المعلمة “زينة” اسم مستعار، قالت في حديث خاص لمنصة SY24: إن “المبلغ غير مقبول ولا يتناسب مع وضع الأهالي مادياً، حتى المعلمين وجدو الرسوم مرتفعة ومضاعفة عن العام الماضي، وسوف يؤثر بشكل سلبي على العملية التعليمية بالمنطقة، ولاسيما أن القطاع التعليمي يعاني بالأساس من هشاشة وضعف عام”.
أحد الأمهات أكدت للمعلمة “زينة”، عدم إرسال ابنتها للتعليم هذا العام، بسبب عجزها عن دفع رسوم التسجيل وشراء القرطاسية والملابس واللوازم المدرسية الأخرى، وبذلك يكون أبنائها الثلاثة حرموا من فرصة تلقي التعليم في المدارس الحكومية، بسبب رفع رسوم التسجيل وما يسمى “التعاون والنشاط”، وبالتالي زادت نسبة الأطفال المتسربين من المدارس.
“أبو عدنان” لديه أربعة أولاد، جميعهم طلاب مابين المرحلة الإعدادية والثانوية والابتدائية، يقيم في منطقة “دير حسان” شمالي إدلب، يشكي حال التعليم الذي وصلت إليه المنطقة، يقول في حديثه مع منصة SY24: “أعمل في البناء بأجرة لا تتعدى 60 ليرة يومياً، لتوفير لقمة العيش لعائلتي، وفي نفس الوقت أنا حريص على متابعة تعليمهم ولكن الرسوم هذه السنة غير مقبولة فأنا أحتاج إلى عمل أسبوع كامل لدفع الرسوم للأولاد، وأسبوعين لشراء اللوازم المدرسية، فمن أين أطعم عائلتي في حال دفعت كامل أجرتي المدارس ؟؟”.
ويتساءل أيضاً، عن دور وزارة التربية والحكومة في تسهيل طريق التعليم لدى الأهالي ولاسيما أن غالبيتهم من النازحين والمهجرين، ويعانون ظروفاً معيشية صعبة جداً، كما يحتاج رب الأسرة إلى دفع 300 ليرة إذا كان لديه ثلاثة أطفال في المدرسة، وهو مبلغ مرتفع بالنسبة لشريحة كبيرة من الأهالي ذوات الدخل المحدود والذين يشكلون الغالبية من الطلاب، لأن الشريحة المرتاحة ماديا تلجأ إلى التعليم الخاص وتدفع المبالغ المادية بكل سلاسة، وتهتم بجودة التعليم حسب قوله.
وفي ذات السياق يذكر ناشطون تحدثوا إلى منصة SY24، أن “حكومة الإنقاذ لا توفر فرصة لفرض الضرائب على المواطنين، وآخرها استغلال ملف التعليم، الذي أصبح له نصيب كبير من الضرائب المفروضة بشكل متكرر”.
أجور المعلمين في المنطقة ماتزال قليلة جداً، إضافة إلى وجود حوالي 5 آلاف معلم/ة متطوعين في المدارس العامة، دون أن يتقاضوا رواتب على عملهم حتى الآن.
يذكر أن القطاع التعليمي في محافظة إدلب شمال سوريا، يعاني من ضعف شديد، وقلة الدعم المقدم من المنظمات العالمية المعنية بالتعليم، إذ بدا ذلك جلياً بعد سيطرة “حكومة الإنقاذ” على المنطقة، حيث تخلت كثير من المنظمات الداعمة عن ملف التعليم منذ وضعت الحكومة يدها عليه، وعلقت مشاريعها التعليمة أيضاً، ما أدى إلى تسرب آلاف الطلاب من المدارس.
يعود ذلك حسب من التقيناهم من الأهالي إلى القرارات غير المدروسة، والبعيدة عن الواقع، التي تصدرها “حكومة الإنقاذ” بشكل مستمر، وتلاقي ردة فعل عكسية على أرض الواقع من جميع النواحي.