أثار نبأ تعيين إحدى معلمات مدينة ديرالزور في منصب مديرة مدرسة ثانوية استياء عدد كبير من الأهالي، بعد اكتشافهم أن قرار تعيينها جاء بتوجيه مباشر من أحد مسؤولي النظام في المدينة، على الرغم من عدم امتلاكها التأهيل العلمي الذي يخولها لإدارة المدرسة في وجود بعض المعلمين الحاصلين على شهادات جامعية أو لديهم خبرات عملية أكبر.
حيث اعتبر أهالي المدينة أن عملية تعيينها هي واحدة من التعيينات الأخيرة التي تمت في عدد من مدارس ومؤسسات النظام الحكومية، وبتوجيهات مباشرة من ضباط في الأجهزة الأمنية أو من قيادة فرع حزب البعث في المدينة، وحتى بتدخل من قادة بعض الميليشيات الإيرانية الذين عينوا عدد من مدراء المؤسسات الخدمية والتعليمية بشكل مباشر لضمان سيطرتهم على هذه المؤسسات.
حيث تحدثت مصادر محلية لمنصة SY24 عن انتشار ظاهرة “الواسطة” داخل مؤسسات النظام الحكومية بهدف تعيين بعض الشخصيات المقربة منه في مناصب عليا، على الرغم من عدم امتلاكهم التحصيل العلمي الذي يؤهلهم للحصول على هذه المناصب، مقابل استبعاد أصحاب الخبرات القديمة وذلك كونهم لا يدينون بالولاء الكامل لرأس النظام السوري بشار الأسد.
المصادر ذاتها أكدت أن هذه الممارسات تسببت بالفوضى داخل هذه المؤسسات والتي أثرت بشكل مباشر على المواطن الذي يضطر لمراجعتها بهدف استخراج أوراق رسمية، ما اضطره لدفع مبالغ مالية ضخمة على هيئة رشاوي لموظفي هذه المؤسسات وبشكل علني للحصول على ما يطلبه من أوراق بشكل عاجل.
إذ تعد ظاهر فساد مؤسسات النظام في مدينة ديرالزور إحدى الظواهر القديمة من قبل بداية الثورة السورية، إلا أنها زادت بشكل كبير بعد هرب عدد كبير من موظفي هذه المؤسسات إلى خارج المدينة نتيجة مواقفهم المعادية للنظام وميليشياته، الأمر الذي دفع الأخير إلى تعيين كل من يواليه ويدعم وجوده سواء كان يحمل شهادة جامعية أم لا، في محاولة منه ضمان ولائهم.
“مها العلي”، اسم مستعار لموظفة في مديرية المياه بالمدينة، أكدت أن “ما نسبته 80% من الموظفين الجدد لا يملكون أي تحصيل علمي يؤهلهم للعمل، ولكنهم جميعاً عينوا بواسطة كونهم إما أقارب المدير أو أصدقائه، أو تم تعيينهم بطلب من الأجهزة الأمنية، أو قاموا بدفع مبالغ مالية له من أجل الحصول على هذه الوظيفة”، على حد تعبيرها.
وفي حديثها لمنصة SY24 قالت:” الواسطة هي من تسير العمل في مؤسسات النظام بالإضافة للرشوة، لأنه دون هذين المفتاحين لا تستطيع الحصول على أي ورقة رسمية من إحدى مديريات النظام حتى لوكان طلبك استخراج قيد عادي من النفوس، لأن الجميع يريد أن يحصل أموال من الجميع، دون مراعاة للأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها أبناء المدينة”.
وأضافت:” لم تقتصر الواسطة على موظفي المؤسسات الحكومية الذين لا يشكلون خطراً على أحد، ولكن أن تصل الواسطة إلى تعيين أشخاص في المشافي والمراكز الطبية في منصب مدير صيدلية او ممرض أو فني طبي وهم لا يملكون أي شهادة طبية، فذلك مؤشر خطير على تنامي الواسطة في المدنية لدرجة أنها قد تسبب مستقبلاً خللاً كبيراً في إعادة الحياة إلى طبيعتها، هذا إن عادت”.
والجدير بالذكر أن مدينة ديرالزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية والمحلية الموالية له، تعيش حالة من الفوضى نتيجة سيطرة الأجهزة الأمنية على أغلب مفاصل الدولة وانتشار الفساد والمحسوبية والواسطة في تعيين الموظفين، بالإضافة إلى الملاحقة الأمنية المستمرة لأهالي المعارضين وعائلاتهم والضغط عليهم باستمرار، ما دفع عدد كبير منهم إلى بيع ممتلكاته الشخصية ومغادرة المدينة بشكل نهائي خوفاً على حياته